رأي: قرار إسرائيل الرسمي بدعم سيادة المغرب على الصحراء المغربية، حدث جيو – سياسي غير مسبوق، قد تسفر عنه تداعيات على المديين المتوسط والبعيد، إقليميا ودوليا. فمن المستفيد؟ المغرب أم إسرائيل؟
في خطوة تاريخية سيكون لها ما بعدها، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابا رسميا إلى الملك محمد السادس، يعلن فيه اعتراف إسرائيل الرسمي والكامل بسيادة المغرب على صحرائه.
تأتي أهمية هذا الاعتراف أولا في كون الحكومة الإسرائيلية ستشرع في إضفاء شرعية الاعتراف في جميع المجالات الحكومية والوثائق الرسمية المتعلقة بالموضوع. فقد أكد نتنياهو أن هذا القرار سيتم إبلاغه رسميًا للأمم المتحدة وللمنظمات الإقليمية والدولية التي تعد إسرائيل عضوا فيها. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم إسرائيل بإخطار جميع الدول التي ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية، بخطوتها التي يمكن اعتبارها “مفاجئة”، بالنظر إلى الإطار الزمني الذي تم إعلانها فيها، والتطورات السياسية والعسكرية المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بالنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
هذا الاعتراف، وهذه العلاقة الصريحة بين المغرب وإسرائيل، رغم طعمها المر لدى الكثير من المغاربة، يعتبران خطوة جيو – سياسية ضرورية للمغرب
ولذلك، يمكن اعتبار هذا الاعتراف تحولًا متطورا في العلاقات بين البلدين، وغير مسبوق في المحيطين الإقليمي والعربي، ممهدا الطريق لتعزيز التعاون والشراكة في مختلف المجالات، وخاصة في المجال العسكري الذي ظهرت ملامحه في السنتين الأخيرتين، خاصة بعد الإعلان عن تعيين ملحق عسكري إسرائيلي قريبا في الرباط. ومن جهة أخرى، وبالنظر إلى “التأثير” الذي تتمتع به إسرائيل لدى كثير من حلفائها الغربيين، وخاصة لدى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، فإن اعتراف إسرائيل بالسيادة المغربية على الصحراء، يعزز موقف المغرب لدى شركائه “المترددين” لاتخاذ موقف صريح وواضح بشأن ما يعتبره المغرب “قضيته الوطنية الأولى”، والبحث عن مخارج الحل السلمي، وفقا للقانون الدولي، للصراع القائم في الصحراء منذ أكثر من أربعين سنة.
على صعيد العلاقة الثنائية بين المغرب وإسرائيل، والتي عرفت بعض التوترات والتقطعات في الماضي بسبب الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فإن هذا الاعتراف سيزيل “الشكوك” المتبادلة، ويفسح المجال أمام ما يمكن تسميته بـ “الدبلوماسية الواقعية” في التعامل بين البلدين، والخروج من “سرية” العلاقات إلى العلنية.
أما على المستوى الإقليمي، فقد يؤدي هذا الاعتراف إلى تغيير ديناميكية “الذهنية” الرسمية بالمنطقة، ويعطي دفعة لدى دول أخرى للخروج بعلاقتها مع إسرائيل إلى مسرح العلن، بعد أن كانت تكتفي بما تقتضيه دبلوماسية الكواليس، سواء في الخليج العربي أو في شمال إفريقيا. وبالنسبة للمغرب، فإن الرهان هو دفع الدول العربية “المترددة”، وهي قليلة، إلى إعادة التفكير في موقفها بشأن النزاع في الصحراء حتى لا تترك الفرصة لإسرائيل وحدها للاستفراد بموقفها المتقدم بخصوص الصحراء المغربية.
دوليا، يمكن أن يؤدي هذا الاعتراف إلى مناقشات حول قانونية وشرعية مطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء، ويدفع إلى صياغة مواقف تنبي على نوع من البراغماتية السياسية، بحيث تكون العلاقات “القوية” بين المغرب وإسرائيل مدخلا للتفكير في إيجاد مخارج أخرى للنزاع، واعتماد منظورات جديدة للتقدم في تحقيق حل نهائي للصراع.
هذا الاعتراف، وهذه العلاقة الصريحة بين المغرب وإسرائيل، رغم طعمها المر لدى الكثير من المغاربة، يعتبر خطوة جيو – سياسية ضرورية للمغرب لكسر نطاق “الاستحواذ” الذي عرفه النزاع منذ أن أصبح ورقة في يد الجزائر وحلفائها لممارسة سياسة “عزل” المغرب عن محيطه القريب (بلدان شمال إفريقيا) وعمقه الإفريقي.