في الفترة الأخيرة، تعرض المدرب الوطني المغربي وليد الركراكي لانتقادات مكثفة على منصات التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام الإلكترونية. تأتي هذه الانتقادات بالتزامن مع تدخل الركراكي في شؤون المنتخب الأولمبي الذي يشرف عليه المدرب طارق السكيتيوي. فهل هذه الانتقادات مبررة أم هي جزء من حملة منسقة تهدف إلى تقويض استقرار المنتخب المغربي؟
الركراكي: بين النجاح والضغوط
منذ توليه مسؤولية تدريب المنتخب المغربي في غشت 2022، أظهر وليد الركراكي قدرة استثنائية على تحقيق النجاح. تحت قيادته، حقق المنتخب المغربي إنجازًا غير مسبوق في كأس العالم 2022 في قطر، حيث وصل إلى نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخ الكرة الإفريقية. وهذا النجاح تحقق بفوز تاريخي على إسبانيا في دور الـ16 والبرتغال في ربع النهائي، وهي إنجازات لم يكن من السهل تحقيقها.
للمقارنة، لم يتجاوز المنتخب المغربي في العهد السابق دور المجموعات في كأس العالم منذ 1986. كذلك، في كأس الأمم الإفريقية 2019، خرج المنتخب من دور الـ16 بعد خسارته بركلات الترجيح ضد بنين. ولكن تحت قيادة الركراكي، ارتفع ترتيب المنتخب المغربي إلى المركز 11 عالميًا في ديسمبر 2022، وهو أفضل تصنيف في تاريخه، بعد أن سبق له أن بلغ المركز العاشر في أبريل 1998 عقب أدائه المميز في كأس العالم في فرنسا.
تدخل في شؤون المنتخب الأولمبي: وجهة نظر مختلفة
تتعرض قرارات الركراكي بشأن المنتخب الأولمبي، الذي يدربه طارق السكيتيوي، لانتقادات كبيرة. في هذا السياق، يجادل البعض بأن التدخل قد يتسبب في تباين في استراتيجيات التدريب بين المنتخبين. ومع ذلك، يمكن النظر إلى تدخل الركراكي كخطوة استراتيجية لضمان التناغم بين المنتخبات، بما أن اللاعبين الصاعدين من المنتخب الأولمبي يشكلون جزءًا مهمًا من مستقبل المنتخب الأول.

المنتخب الأولمبي، تحت إشراف السكيتيوي، وصل إلى نصف نهائي دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، حيث خاض مباراة الترتيب مع المنتخب المصري وفاز عليه بسداسية نظيفة، وحاز بذلك الميدالية المدالية البرونزية؛ وهي المرة الأولى التي يحقق فيها منتخب إفريقي هذا الإنجاز. وتمثل هذه النتيجة غير المسبوقة خطوة مهمة في تعزيز مكانة كرة القدم المغربية على الصعيد الدولي بعد غياب طويل عن المنافسات الأولمبية المتقدمة منذ أولمبياد سيدني 2000. التعاون بين المدربين يمكن أن يسهم في تقليل الفجوة التكتيكية وضمان استمرارية النجاح.
الانتقادات: حملة منسقة أم ردود فعل طبيعية؟
الانتقادات التي يواجهها الركراكي قد تكون جزءًا من حملة منسقة. من الممكن أن تكون هذه الانتقادات محاولة لزعزعة استقرار المنتخب أو تعكس ردود فعل على قرارات تكتيكية معينة. في المقابل، يمكن أن تكون بعض الانتقادات مبنية على نقد بناء، مما يعكس أهمية تحسين الأداء.
تحت قيادة الركراكي، لعب المنتخب المغربي 24 مباراة، حقق فيها 15 انتصارًا و6 تعادلات و3 هزائم، وسجل 37 هدفًا واستقبلت شباكه 13 هدفًا. هذا الأداء المتميز يعكس التحسن الكبير في الجانبين الدفاعي والهجومي.
الركراكي والمستقبل:
رغم الانتقادات، ما زال وليد الركراكي يحظى بدعم كبير من الجماهير المغربية التي تراه مدربًا قادرًا على تحقيق المزيد من الإنجازات. إن مواجهة هذه الانتقادات تتطلب من الركراكي الحفاظ على تركيزه واتباع استراتيجيات تصب في مصلحة الكرة المغربية.
في النهاية، كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي مرآة لمجتمع وثقافة. إن إنجازات الركراكي وتحدياته تعكس طموحات المغرب كأمة. ومهما كانت الانتقادات، يظل الركراكي المدرب الذي حمل آمال الملايين، وساهم في تحقيق إنجازات تاريخية تظل محفورة في ذاكرة الجماهير.