انهيار شركة نوكيا: دروس الابتكار والتكيف في سوق الهواتف الذكية

انهيار شركة نوكيا: دروس الابتكار والتكيف في سوق الهواتف الذكية
12 أبريل 2023
محمد بنحتال

كانت شركة نوكيا -في العقد الماضي- السفينة الرائدة في صناعة الهواتف المحمولة، ولطالما تتمتع بنصيب الأسد من حصة السوق في مختلف أنحاء العالم. مع ذلك، فإن انتشار هواتف الذكية قد أدى إلى تغيير الوضع تمامًا، وتراجعت مكانة نوكيا كشركة رائدة في صناعة الهواتف المحمولة. في هذا التقرير، سنستعرض العوامل التي أدت إلى انهيار إمبراطورية نوكيا التي تربعت لسنوات على عرش التكنلوجيا و المبيعات.

تجاهل سوق الهواتف الذكية في بداية ظهوره،

في بداية ظهور سوق الهواتف الذكية، تجاهلت شركة نوكيا التطورات التي عرفها سوق الهواتف الذكية واستمرت في تركيزها على إنتاج الهواتف القديمة التي لا تحتوي على التقنيات الحديثة والتي كانت تلائم احتياجات السوق في ذلك الوقت. كما أن الشركة كانت مرتبطة بنظام تشغيل Symbian، والذي لم يكن يلبي المتطلبات المتغيرة لسوق الهواتف الذكية، بينما منافسوها بدأوا في استخدام أنظمة تشغيل جديدة ومحسنة مثل iOS وAndroid.

وعندما أدركت نوكيا أخيرًا حاجة السوق للهواتف الذكية، كانت قد فقدت بالفعل فرصًا كثيرة. حاولت الشركة تعويض هذا الفشل من خلال إطلاق سلسلة من الهواتف الذكية بنظام تشغيل Windows Phone، ولكن هذه الخطوة كانت متأخرة ولم تحقق النجاح المتوقع.

بالإضافة إلى ذلك، كان لدى نوكيا مشكلات في الإدارة والتنظيم الداخلي، مما أثر على قدرتها على التكيف مع التغييرات في السوق بشكل سريع وفعال. كما أنها تضيف إلى ذلك اتفاقية الاستحواذ الفاشلة مع شركة Microsoft، التي كانت تهدف إلى إنقاذ نوكيا وتعويضها عن فشلها في الدخول إلى سوق الهواتف الذكية.

وفي النهاية، فشلت نوكيا في مواجهة التحديات الناجمة عن التطورات السريعة في سوق الهواتف الذكية وفي استكشاف فرص النمو المتاحة في هذا السوق، بالإضافة إلى مشكلاتها الداخلية والإدارية. كانت هذه العوامل الرئيسية التي أدت إلى انهيار الشركة.

القفزة الرقمية وتخلف إدارة نوكيا،

اعتمدت نوكيا بشكل كبير على نظام تشغيلها الخاص (Symbian)، ولم تتمكن من مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة التي تمت في صناعة الهواتف المحمولة، مثل إدخال نظام التشغيل iOS من شركة آبل ونظام تشغيل أندرويد من شركة جوجل. وبالتالي، فإن نظام التشغيل الخاص بنوكيا أصبح قديمًا ولم يعد يلبي متطلبات المستخدمين الذين يبحثون عن مزيد من الأداء والتقنية الحديثة.

كانت إدارة نوكيا مسؤولة عن اتخاذ القرارات الإستراتيجية للشركة وإدارتها بشكل عام، وللأسف فإن الإدارة لم تتمكن من التكيف مع تغيرات السوق وتطورات التكنولوجيا في الصناعة. وقد تسبب هذا الفشل في انخفاض حصة نوكيا في سوق الهواتف المحمولة وفقدانها لمكانتها كلاعب رئيسي في الصناعة.

من بين الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة، تجاهلها للاتجاه نحو الهواتف الذكية ورفضها الاستثمار في نظام تشغيل جديد وحديث يمكنها من مواكبة التطورات التكنولوجية، كما ذكرنا سابقًا. وفي محاولة لتعويض هذا الخطأ، قامت الإدارة بشراء نظام التشغيل “Windows Phone” من مايكروسوفت، ولكن هذه الخطوة لم تكن ناجحة كما توقعت الإدارة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإدارة لم تتمكن من الاستفادة من علاقات نوكيا القوية بمزودي الخدمات والشبكات في صناعة الاتصالات، ولم تنجح في توظيف هذه العلاقات لتعزيز مكانة الشركة في سوق الهواتف المحمولة.

أيضًا، قد تسببت استراتيجية التسعير الخاطئة والتي كانت تعتمد على تخفيض الأسعار بشكل مفرط لتنافس المنافسين، في خسارة الشركة للأرباح والحد من استثمارها في البحث والتطوير والابتكار في الصناعة.

التنافس الشديد

يعزى انهيار شركة نوكيا إلى عدة أسباب، من بينها تأخرها في تبني نظام التشغيل المناسب للهواتف الذكية، وتراجعها في تصميم الأجهزة والمنتجات الجديدة التي تتوافق مع تطلعات المستهلكين. كما يعتقد البعض أن التركيز المتواصل على تصنيع الهواتف الرخيصة بدلاً من التركيز على الهواتف الرائدة كان له أيضاً تأثيره على انحدار الشركة.

قبل بداية انهيار نوكيا، كانت الشركة تتمتع بمكانة رائدة في سوق الهواتف المحمولة، حيث كانت تتفوق على المنافسين مثل موتورولا وإريكسون وسامسونج. ولكن مع بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بدأت الأمور تتغير بشكل كبير. ففي عام 2007، قامت شركة أبل بإطلاق الآيفون الذي حدث ثورة في عالم الهواتف الذكية، حيث قدم تصميمًا جديدًا ونظام تشغيل مبتكر يعتمد على الشاشة التي تعمل باللمس.

وفي هذا السياق، لم تستطع نوكيا تأقلم نفسها بسرعة مع التغييرات التي طرأت على سوق الهواتف الذكية، ولم تتبنى نظام تشغيل يتوافق مع متطلبات العصر، وهو ما سمح لشركات أخرى مثل أبل وغوغل بالتقدم بخطوات سريعة وتحقيق نجاحات كبيرة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن نوكيا كانت تستخدم نظام تشغيل سيمبيان الذي لم يعد يلبي متطلبات السوق، بالإضافة إلى عدم قدرته على التعامل مع التطبيقات والخدمات الحديثة، مما أدى إلى تراجع مبيعات الشركة، ثم جاءت مايكروسوفت بعد ذلك واشترت قسم الأجهزة من نوكيا في 2014 مقابل 7.2 مليار يورو. ولكن حتى ذلك الحين، كانت النتائج المالية تقلق المستثمرين. وفي 2015، أعلنت مايكروسوفت عن خسائر فادحة تجاوزت 7 مليار دولار، وقررت إلغاء العلامة التجارية “نوكيا” من هواتفها الذكية.

إن انهيار شركة نوكيا يعتبر درسًا قيمًا في تطور صناعة الهواتف الذكية. تعلم الشركات المنافسة والعاملين في هذا القطاع أن الاستقرار والنمو المستمر هما مفتاح البقاء في السوق. يجب أن يتغير العمل وفقًا لتطورات السوق واحتياجات العملاء، ويجب على الشركات التكيف مع التغييرات السريعة في التكنولوجيا والمنافسة الشديدة في السوق.

رابط مختصر

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق