محمد أحداد
فازت أمس بريجيت جيرو عن روايتها “vivre vite” بجائزة غونكور الأدبية العريقة.
ترسل لوموند وليبيراسون خبرا للمشتركين، لتجده متصدرا الصفحة الأولى متفوقا على قانون المالية وأزمة الطاقة والاحتجاجات الاجتماعية والحرب في أوكرانيا.
هذا اختيار تحريري، تعثر عليه في كل وسائل الإعلام الفرنسية تقريبا على اختلاف مشاربها وانتماءتها. يصعد الخبر الثقافي في أجندة الأخبار على حساب الخبر السياسي ليس مصادفة، بل لأنه أصبح تقليدا وممارسة صحفية واعية.
لوموند، تلخص الرواية وتبرز أبعادها، وتخصص طاقما كاملا ليجيب على أسئلة القراء الذين يدفعون مقابل الخدمة.
في التعليقات ستجد تاريخ غونكور وأعضاء الجائزة وانتماءتهم الثقافية والنقاشات حول الانتقادات الموجهة لها يجيب عليها صحفي أو صحفيون لديهم إلمام بالمجال الثقافي. في ليبيراسيون، ستجد تاريخ الكتابة وقراءة عميقة للرواية والحض على قراءتها بعيدا عن ثقافة الحقد المترسخة لدينا: هذا لا يستحق الجائزة، وذلك متطفل. تلك الثقافة البئيسة الموروثة.
في كل وسائل الإعلام الفرنسية يتصدر خبر غونكور عناوين الأخبار، وهو تقليد فرنسي موروث ما يزال يحظى باحترام القراء في زمن سيطرة الرداءة.
لو حدث ذلك عندنا، كنت ستجد الخبر محشورا في زاوية الصفحة الثقافية في مربع ملون بالأحمر الفاقع، أو خبرا في النشرة الأخيرة على التلفزيون، أو مخفيا في ركن لا يقرؤه أحد على موقع إلكتروني.
هناك بعض التفسيرات السهلة، التي تريد ربط أزمة الصحافة المغربية بالمناهج الفرنسية. لا أعتقد ذلك. باستثناء مسألة تدريس اللغة الإنجليزية التي جعلتنا معوقين (وهي أزمة دولة وليست أزمة صحافة)، وموضوع السرد، فإن الصحافة الفرنكفونية أعمق، لأنها تحتفظ بهذه القدرة على التشابك مع العلوم الاجتماعية.
في المبادئ الأولى التي تعلمناها عن مهنة الصحافة أن من وظائفها الأساسية التثقيف والتوعية، لكن في زمن الترند وتقييم المحتوى الصحفي بحجم المتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي فإن لايف دنيا باطما أهم وأعمق.
ملاحظة: في الصورة “سكرين شوت” لصفحات وسائل إعلام فرنسية التقطتها أمس.