تساؤلات حول بعض ما جاء في مذكرات مبارك بودرقة

يقول مبارك بودرقة في مذكراته الجديدة والمعروضة في المعرض الدولي للكتاب ما يلي [:” حدثني كل من الفقيه البصري ومولاي احمد الجبلي عن ظروف نشأة ” الستيام” وسياق تحويلها إلى آلية لتصفية الحسابات مع رفاق الأمس، مما يعني أن الثورة ليست وحدها التي يمكن أن تأكل أبناءها (..) أثناء وجودي بالمنفى ولاحقا خلال تحملي لمسؤولية فريق التحريات داخل هيأة الانصاف والمصالحة، أتيحت لي أيضا فرص للإستماع إلى عدد من المقاومين في هذا الشأن، من بينهم الحسين الصغير الذي كان مسؤولا عن “الستيام” والذي قدم العديد من التفاصيل في الموضوع (..) وحصل الأمر نفسه مع الفقيه الفيكيكي الذي كان مسؤولا عن دار بريشة..:”].
أولا، أتمنى أن يكون هذا النص دليلا آخرا لأصحاب “المدرسة الوثائقية” لحسم بعض الجدل حول الجهة (بشريا وسياسيا) المسؤولة عن دار بريشة؟. أما الحسين الصغير فسبق أن اعترف هو نفسه بمسؤوليته ككوميسير الستيام لمدة سنتين (56-58). كما يبدو كذلك من خلال النص أن البصري والجبلي كانا على علم بوجود الستيام ودار بريشة، لكن هل سألهما بودرقة عن الجهة التي كانت وراء تعيين هذين الشخصين (الصغير والفكيكي) عن المخفرين؟. وهؤلاء في الاخير كلهم كانوا في قيادة “المنظمة السرية” أو ما أطلق عليها بالمقاومة.
عندما يقول بودرقة أنهم يتأسفون على تحويل “الستيام” إلى مكان لتصفية حسابات مع رفاق الأمس، فماذا كان دور الستيام قبل أن ينقلبوا على ‘رفاق الأمس’ أالسي بودرقة؟.
المقصود برفاق الأمس هم أنفسهم. زعما أن الحسن الثاني انقلب عليهم. هاذ “رفاق الأمس” جعلوا من الستيام مكانا للتعذيب والقتل بأمر من الحسن نفسه. وعندما استغنى هذا الأخير عن خدماتهم القذرة، اعتقلهم كلهم وعذبهم في الستيام ومن بين الذين أشرفوا على تعذيبهم هو رفيقهم الناموسي، الذي كان حتى هو في قيادة المقاومة قالك.
يقول بنسعيد أيت يدر في برنامج شاهد على العصر حول تأسيس الستيام:” اتفقنا نحن في المقاومة بتنسيق مع محمد الخامس تأسيس الستيام من أجل نزع سلاح الجماعات المسلحة..:”. الذي سماها بأصحاب آخر ساعة. زعما حتى رجعنا بنيوسف عاذ هزيتو السلاح.
نفس هذه الأسماء وأخرى أشرت إليها ضمن الحلقات التي نشرتها حول الجريمة السياسية السنة الماضية. قلت حينها أن الفقيه الفكيكي كان المسؤول عن دار بريشة والحسين الصغير كوميسير الستيام، والفقيه البصري مراقبا عاما للستيام ومنسقا للعمليات مع محمد الخامس والغزاوي. وسعيد بونعيلات قيل عنه أنه معلم الستيام (حسب شهادة رفيقه الناموسي في نيشان 2009).
المجرم الفكيكي هو من عذب شخصيا وبشكل بشع الشهيدين الأستاذين أحمد عبد السلام الطود وإبراهيم الوزاني (دار بريشة قصة مختطف ص: 101. انظر التعليق الاول). وهو المشرف على تصفية أغلب عناصر الهيأة الريفية ورفاق عبد الكريم الخطابي، من خلال استقدام جلادين محترفين: أحمد الطويل، والعتابي، والمدني الاعور، والسكوري..
أغلب هؤلاء المتورطين في هذا العمل القذر لم يشيروا إلى الموضوع في مذكراتهم. فضلوا الحديث عن بعض البطولات الوهمية على حد تعبير أحد نزلاء الستيام، وهو لا يزال على قيد الحياة. اعتقله الفقيه البصري شخصيا وأودعه الستيام ليقضي هناك شهور. هذا الشاهد الحي أوصل إلينا حالة المعتقل الجهنمي من الداخل وعدد المعتقلين حينها. وأن الفقيه كان له مكتب خاص داخلها. حتى تحولت معها الستيام إلى غرفة العمليات للختطافات وللقتل والجلد.
شوف أراه التعذيب والاستشهاد والنفي لم يبدأ مع سنوات 60 و 62 و 65. الشرطة السياسية والاغتيال السياسي بدأ مع هؤلاء سنة 1956. غالي الطود سيهرب من داخل دار بريشة لطلب اللجوء السياسي في اسبانيا سنة 1956. الراحل احمد المرابط سيلجأ إلى مصر. الهاربون كانوا بالعشرات.
بنسعيد أيت يدر عمل على نشر تقارير استنطاق بعض مختطفي دار بريشة على شكل كتاب سماه :”الهيأة الريفية”:، إنها في المجموع 20 تقريرا بالاضافة الى رسائل وبيانات كلها تدين المحتجزين. ويقول في الصفحة 17 أن تلك التقارير (الاستنطاق) جزء من أرشيف الستيام التي سلمها له سعيد بونعيلات.:”. لكن السي بنسعيد لم توضح للقارئ علاقة سعيد بونعيلات بالستيام حتى يحتفظ بهذا الأرشيف الهائل. ونسيت ان تقول لنا أنه كان ضمن المشرفين على الستيام ودار بريشة.
بنسعيد نشر 20 تقرير استنطاق لمختطفين بدار بريشة تحت اشراف جماعته، ويكرر على مسامعنا بمناسبة او بدونها أنهم أبرياء. كيفاش نتا محتفظ بتقارير استنطاق لمختطفين في عداد المفقودين؟؟. ماهو مصير هؤلاء وانت تحتفظ بدليل مرورهم عبركم، ورفيقك الفكيكي كان المشرف. زعما بهذه السهولة. لو كنا في دولة تحترم نفسها لخضعت للمسائلة لأنك تحتفظ بدلائل أفراد وهم في عداد المفقودين بعد احتجازهم في مكان معروف. الأمر يتعلق بعشرات المفقودين وأهلهم لايزالون يبحثون عنهم وعن جثامينهم. لو تم تصفيتهم في الشارع العام مثلا لكان الأمر مفهوما، لكن أن نجد لهم أثر على شكل تقارير استنطاق، فعليك أن تتحدث الآن. زعما باش تعرف انهم كانوا عصابة محترفة، حذفوا من هذه التحقيقات أسماء المحققين ووقت إدخالهم إلى دار بريشة.
هل بودرقة حتى هو يكذب من خلال قوله ،اليوم أن الفكيكي هو المسؤول عن دار بريشة؟.
جمال الكتابي
أمستردام 11 يونيو 2023.