حصل الناشط الجمعوي المغربي مصطفى الجرموني على وسام ملكي بهولندا للمرة الثانية، ضمن طقوس التوشيح التي تتم سنويا خلال اليوم السابق لعيد الملك، والذي يصادف 27 أبريل من كل سنة.
هذا، وقد وشح القصر الملكي (أسرة نيوناساو للعمل التطوعي) يوم الأربعاء الماضي 26 أبريل 2023 الناشط المغربي/الهولندي مصطفى الجرموني بأمستردام بوسام من درجة فارس. فما هو المعيار الذي جعل الأسرة الملكية تختار مصطفى الجرموني لتكريمه بأكبر وسام ملكي؟ وما هي الأعمال التطوعية التي يمارسها الجرموني وما هي قيمتها المضافة للمجتمع الهولندي؟
مسيرة مصطفى الجرموني بهولندا
مصطفى الجرموني ابن مدينة الحسيمة. هاجر بمفرده إلى هولندا سنة 1988 وكان طالبا بكلية العلوم بوجدة. اشتغل خلال تواجده بهولندا بمجزرة ضواحي أمستردام من أجل تأمين قوت يومه، ثم التحق للدراسة بشعبة الاقتصاد، وكان يتابع في نفس الوقت دروس اللغة الهولندية. بعد ذلك اشتغل بمطعم إسباني بأمستردام من أجل توفير تكاليف الدراسة. عمله بالمطعم قاده إلى متابعة تكوين خاص بالمعهد الجهوي للتكوين المهني ROC لينال شهادة طباخ مساعد. التحق سنة 1993 بمعهد التكوين بشعبة الرياضيات بالموازاة مع اشتغاله بالمطعم.
خلال سنة 1995، اشتغل كأستاذ بديل لمادة الرياضيات بإحدى ثانويات أمستردام، وفي نفس الوقت كان يعمل بالمكتبة بنفس الثانوية. قاده العمل بالمكتبة إلى متابعة تكوين التخصص بالمكتبة الرقمية وبالأرشيف.
انطلاقا من سنة 2005 بدأ العمل التطوعي مع الأطفال، وكانت البداية مع جمعية للشطرنج تنشط مع الأطفال بحي شعبي بأمستردام يسمى “الحي الهندي”.
أثار عمله الجاد و الدؤوب انتباه البلدية وبدأت تشجعه على عمله هذا بنادي الحي، الشيء الذي قاده إلى إدخال هذه اللعبة بتسعة مدارس ابتدائية بالحي الهندي بأمستردام.
أسس مؤسسة خاصة به لرياضة الشطرنج وطور أعماله مع الأطفال، ليعنى بأنشطة تربوية وترفيهية مثل الرحلات وتنظيم مخيمات وخرجات إلى المسارح والمتاحف مع الأطفال، والاشتغال معهم بالعمل المسرحي والموسيقى. كما نجح في استقطاب الأمهات بالحي الهندي فأصبحن يشاركنه في أعماله التطوعية بانتظام.
الأنشطة التربوية التي يمارسها الجرموني بالحي الهندي بأمستردام مع الأطفال من مختلف الجنسيات وبمؤازرة الأمهات، تتراوح بين لعبة الشطرنج والمخيمات وزيارة المتاحف والمسرح والموسيقى.
التشجيعات والتكريم
- سنة 2010 كرمته بلدية أمستردام بلقب: “أحسن رجل بأمستردام”؛
- سنة 2013 صنفته بلدية أمستردام باعتباره ” شخصية السنة في أمستردام Amsterdamer van het jaar “
- سنة 2014 تم تكريمه من طرف أميرة الأسرة الملكية السيد لاورينتين.
- يوم الأربعاء 26 أبريل 2023 تم تتويج أعماله هاته من طرف القصر الملكي وتم توشيحه بوسام من درجة فارس، مع منحه شهادة ملكية تنويها بأعماله التربوية المتميزة التي يقوم بها مع أطفال الحي الهندي الشعبي بأمستردام، والتي ترمي إلى الاندماج الإيجابي وتطوير مهارات الأطفال.
هل فشلت المساجد والجمعيات المغربية بأمستردام في خلق أنشطة لجميع الأطفال؟
يرى السيد مصطفى الجرموني بأن دور المساجد يقتصر فقط على تعلم الأطفال اللغة العربية ودروس الدين والرياضة، وتستقطب أطفالا من إثنية معينة فحسب. فالمساجد المغربية تستقطب فقط أطفالا من أصول مغربية والجمعيات التركية تقوم أيضا بنفس الشيئ، وهذا يكرس الانعزال ولا يشجع على الانفتاح وعلى الاندماج في مجتمع متعدد الثقافات.
كما يرى السيد الجرموني أن المساجد والجمعيات المغربية غالبا ما تفشل في مهامها مع الأطفال، لكونها لا تشتغل بطرق حديثة مع الأطفال، ولا تتمتع بنفَس طويل في العمل، وغالبا ما تنتظر دعما ماديا سريعا ولا تمتلك تصورا وبرامج عمل في أشغالها التي تتسم بالعفوية وغير منفتحة على المجتمع الهولندي.
القيمة المضافة لأعمال مصطفى الجرموني:
- خلق مدرسة للشطرنج بحي شعبي فقير وربط هذا العمل مع مجموعة من المدارس بالحي ثم ربط عمله بمختلف أحياء أمستردام ومدارسها الابتدائية. وقد استلهمت مختلف البلديات هذه الفكرة وأصبحت مجموعة من المدن الكبرى بهولندا تقتفي هذا الأثر.
- يقوم بتنظيم ثلاثة مخيمات للأطفال سنويا وخرجات للأطفال قصد تمكينهم من زيارة المتاحف والمسارح.
السر في نجاح مصطفى الجرموني واختياره للتكريم:
يتجلى سر نجاح الجرموني في أعماله التطوعية مع الأطفال في الانضباط في العمل، اكتساب النفس الطويل لمدة 15 سنة متوالية، حب هذا العمل وتطويره باستمرار، إشراك أمهات الحي بالأعمال التطوعية، الأمر الذي يجعلهن يطورن أيضا مهارتهن التربوية والاجتماعية، ثم الاشتغال مع كافة أطفال الحي الشعبي بمختلف إثنياتهم وتحبيبهم للعبة الشطرنج والخرجات نحو المتاحف والمسارح.
