حسين أكروح: فضــاءات الذاكـــرة

1 مايو 2023
حسين أكروح: فضــاءات الذاكـــرة
حسين أكروح
حسين أكروح

تماسنيت .. *

الساعـة تشيـر إلى منتصف النهار… هدير محرك السيارة يعاند صفير “الأجوج” بإيقاعاته الطويلة النفس،… حمار ينهق من بعيد …. تستقبلني تماسينت على نغمات أمازيغية لصوت مؤذن هادئ يتلاشى صداه بين التلال .. “الله أكبا” … حذف حرف الراء من كلمة التكبير…يجعل الأذان أكثر محبوبا ومفهوما.

شعور غريب ينتابني في كل مرة أزور فيها هذه القرية اللعينة “عبسرام أبوهلي” الشخصية العظيمة والرجل النبيل الذي اعتدنا عليه ونحن أطفالا لم يكن حاضرا، كعادته يعبر الرصيف: (أَوِيدْ شَكْ سِنِي إِجْ نْ درْهَمْ)  اعطني درهم فقط ….. يطلب صدقة بدون مجاملات أو الدعاء كأغلبية المتسولين في المدن الأخرى لوطن يحكمه ملك الفقراء.. لم أسأل عنه إن كان على قيد الحياة أم أنه غادر إلى حيث لا نعلم.

تماسينت .. *

عنادك أيتها الماردة يظل جميلا رغم بعد المسافات التي صارت تفصل بيني وبينك . أشعر وكأني بين أحضانك طفل يحبو نحو خلية النحل … لأرسم وأعيد قراءة كل الجرائم التي ارتكبوها فيك …. اغتالوا فيك كل الفرح.  تذكرت جدي الذي أعدم هناك لا لشيء بل فقط لأنه رفض أن يسلم بندقية المقاومة وقال: – لا للجريمة، – لا للاستعمار .

تذكرت اختطاف واغتيال حدو أقشيش ….. تذكرت موت أخي، ثم انصرفت دون أن ألتقط صورة تذكارية لشجرة التوت البري …. تذكرت موت أبي الذي اكترى لنا بيتا ذات خريف ثم انصرف . .. جدرانك يا تماسينت رغم أنها تذكرني بالموت أحبك.

عائد إليك بعد قليل، لنحلم معا بعالم أقل قسوة وأكثر عدالة و جمالا. .. عائد إليك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق