تحتفل المجتمعات الأمازيغية في شمال إفريقيا برأس السنة الأمازيغية في الثاتي عشر من شهر يناير من كل عام، وهي مناسبة مهمة لهذه الثقافة الغنية والتي تعود جذورها إلى القرن التاسع قبل الميلاد.
تعرف رأس السنة الأمازيغية باسم “يناير” أو “Yennayer”، وهو عيد يقوم فيه المجتمع الأمازيغي بتقديم العديد من الاحتفالات والفعاليات المختلفة، ويتميز احتفال رأس السنة الأمازيغية بأنه يترافق مع بزوغ شمس جديدة وبداية فصل جديد، وهذا ما يجعله يمتلك رمزية خاصة لدى المجتمع الأمازيغي، حيث يعتبر رأس السنة الأمازيغية فرصة لبدء حياة جديدة وللتطلع نحو موسم فلاحي ناجح.
على الرغم من أن رأس السنة الأمازيغية تعتبر مناسبة تقليدية، إلا أنها تستقطب العديد من السياح والمهتمين بالثقافة الأمازيغية، وتعتبر فرصة للاحتفال بالتنوع الثقافي الذي يميز شمال إفريقيا. ويعتبر احتفال رأس السنة الأمازيغية فرصة للتعرف أكثر على هذه الثقافة الغنية والتاريخ العريق للشعب الأمازيغي، وللمشاركة في الفعاليات والاحتفالات التي تعزز التراث الثقافي العريق لهذه الثقافة الرائعة.
في المغرب، أعلن الديوان الملكي هذا اليوم إقرار يوم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا رسميا و عطلة مؤدى عنها بالمملكة، على غرار رأس السنة الميلادية و عطلة فاتح محرم. البلاغ أصبح حديث الجميع في المغرب بمجرد صدوره، وأسال الكثير من المداد على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث استقبلت مكونات الحركة الثقافية الأمازيغية قرار الملك محمد السادس ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، ويوم عطلة مؤدى عنها، بابتهاج كبير بعد سنوات طويلة من النضال في سبيل تحقيق هذا المطلب.
قال السيد عزيز ورود، عن مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية، المنظمة لمهرجان ثويزا لطنجة، في تصريح خص به أرابيكا نيوز:
إن البلاغ الملكي القاضي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا رسميا في المملكة المغربية، يمثل خطوة تاريخية هامة في مسار ترسيم الهوية و الثقافة الأمازيغية واحترامها كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية المغربية. مؤكدا على أن هذه اللحظة التاريخية تشكل امتدادا لخطاب أجدير ولترسيم الأمازيغية في الوثيقة الدستورية 2011. مما يؤكد على أن جلالة الملك هو الضامن السامي للحقوق المشروعة للمكون الأمازيغي الذي طالما تعرض للتهميش والإقصاء من طرف أغلبية الأحزاب السياسية، ومن طرف مثقفين ومفكرين مغاربة كانوا بدورهم ضحايا للإنغلاق القومي العروبي المتطرف. وأضاف : لا يسعنا إلا أن نشكر صاحب الجلالة على هذه الالتفاتة الكريمة، ونهنئ الشعب المغربي قاطبة بهذا المكسب الهوياتي الكبير، مع التطلع إلى إحقاق ما تبقى من حقوق المكون الأمازيغي في جميع المجالات والقطاعات.
أحمد عصيد، رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، وصف إعلان الديوان الملكي عن ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة مؤدى عنها، بأنه “قرار تاريخي بكل المعايير”.
أما في الجزائر، فقد تم الاعتراف برأس السنة الأمازيغية كعطلة رسمية في عام 2018، بعد مطالبات مستمرة من قبل الناشطين والمجتمع المدني، وهو ما اعتبر آنذاك خطوة هامة فرضتها نضالات أبناء القبائل والشاوية.
وفي ليبيا وتونس، لا يزال رأس السنة الأمازيغية مناسبة تقليدية فقط، ولم يتم ترسيمها فعليا حتى الآن.
يعتبر النضال من أجل ترسيم رأس السنة الأمازيغية غيدا رسمياً جزءا من النضال الأوسع لحقوق الأمازيغ في منطقة شمال أفريقيا، وهو نضال مستمر منذ سنوات عديدة، حيث تطالب هذه الشريحة العريضة من مجتمعات شمال أفريقيا بالاعتراف بثقافتهم ولغتهم وتاريخهم وتراثهم.