فريد بنقدور: هكذا أتذكر أجواء رمضان في الريف (2)

1 أبريل 2023
فريد بنقدور: هكذا أتذكر أجواء رمضان في الريف (2)

كانت مدينة الحسيمة خلال السبعينات  مدينة صغيرة هادئة، نائية معلقة بالجبل، أحيائها الشعبية كانت لا تتعدى أصبع اليد وكان تأثير الثقافة والعادات الإسبانية لا زال سائدا فيها إلى حد ما وكان يوجد فيها سوق أسبوعي واحد.

سوق الثلاثاء الأسبوعي

خلال شهر رمضان يصبح سوق الثلاثاء سوقا يوميا ترتاده ساكنة المدينة لتبضع حاجاتها الأساسية لهذا الشهر.

كان فلاحو إقليم الحسيمة يجدون فرصة سانحة لبيع منتوجاتهم الفلاحية الطرية بهذا السوق.

يصبح السوق ذو حركة تجارية غير عادية، تؤثثه حلقات تتحدث عن أساطير الأولين والعشابين وتجار القمار. كان الناس لا يشتكون من غلاء الخضر.

كانت المشادات الكلامية والشجارات تكثر خلال هذا الشهر بسوق الثلاثاء.

فضاء الصفصاف

فضاء الصفصاف زرع فيه الإسبان الأشجار خلال سنوات الأربعينات لمحاربة التصحر ولإيقاف الرمال التي تحملها الرياح نحو المدينة وكان رئة تنفس منه المدينة ومتنزها جميلا.

خلال شهر رمضان تكثر مباريات كرة القدم بين شباب الأحياء بهذا الفضاء ويكثر فيه المتفرجون بهذه المباريات وكان هذا الفضاء أيضا بمثابة مخبأ لوكالي رمضان وللقمار.

شاطئ صاباضيا

كان هذا الشاطئ الصخري فرصة خلال شهر رمضان للصيادين الذين يصطادون السمك بالقصبة، أغلب الأسماك التي كانوا يصطادونها هي سمك البوري الذي كانوا يبيعونه بالشارع. كان الشباب والأطفال يقصدون هذا المكان بكثرة للتفرج على الصيادين ولقضاء الوقت حتى يقترب موعد الإفطار.

حين وبعد الإفطار

كان نفير بوق صالاذيرو يعلن عن وقت الإفطار وكانت وجبة الفطور بسيطة جدا تتكون من الحريرة والتين المجفف والتمر وبعد الإفطار بلحظات تتناول الأسر عشاء بسيطا. كان الأطفال يحبذون تناول الحريرة وكانت فرحتهم عارمة حين يضربون في عمق الزلافة ويجدون فيها قطع لحم صغيرة.

مباشرة بعد تناول العشاء يخرج الذكور من منازلهم في اتجاه المقاهي. اللعب المفضل بالمقاهي مساء كان هو لعب ” أكاطون” Bingo والداما وبارتشي والورق (الكارطة).

المساجد بالمدينة كانت تعد على رؤوس الأصابع وكانت لا تعرف ازدحاما خلال صلاة التراويح والنساء كن لا يرتدن المساجد.

ساكنة الحسيمة خلال السبعينات والثمانينات كانت تتوقف خلال شهر رمضان عن شراء السمك.

الأسر الميسورة كانت تفضل اقتناء اللحم خلال رمضان وكان الكبد عند الجزار يباع فقط بالمعرفة والجزار لا يبيع أقل من كيلو من اللحم.

الحليب كان يأتي من الدار البيضاء في علب نصف ليتر، والتاجر لا يبيع علبة الحليب شريطة أن تشتري معها علبة دانون.

المشي والتنزه للأسر بالشوارع كانت قليلة جدا مساء.

خلال وقت السحور كان الطبالون يجوبون الشوارع إعلانا عن وقت السحور.

نادرا ما تجد الأسر تطلق البخور في المنازل أو سماع تلاوة القرآن جهرا عبر المسجلة.

المدخنون ينهون سحورهم بضرب سيجارة أو سيجارتين متتاليتين أو بضرب شقف السبسي ويحفظونه في محفظته ويخفونه أو يضعونه في مكان آمن بعيدا عن الأطفال حتى المساء القادم.

قبل عيد الفطر بأيام قليلة تشتري الأسر دجاجة من السوق، تحلق رؤوس أبنائها وتشتري لهم ألبسة العيد مع منحهم بعض الدريهمات.

يوم العيد

بعد صلاة العيد في المصلى (فضاء بالصفصاف) تكثر الزيارات العائلية لتبادل تهاني العيد، تزدحم الحدائق بالأطفال مع والدهم لأخذ صور تذكارية وشراء اللعب وعند العشية يتدفق على المدينة شباب إمزورن والنواحي للترويح عن النفس وعن العين ويكثر الازدحام على سينما المدينة.

 

فريد بنقدور

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق