يراقب المغرب باهتمام بالغ نتائج الانتخابات التشريعية القادمة في إسبانيا في الثالث والعشرين من الشهر الجاري. ما هي برامج الأحزاب الإسبانية؟ وما مدى تأثيرها على العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب؟ هذه نظرة مركزة لمواقف الأحزاب السياسية الرئيسية في إسبانيا فيما يتعلق بالمغرب والصحراء المغربية والوضع في المدن المحتلة سبتة ومليلية.
الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني: (PSOE)
يؤكد الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني التزامه بتعزيز العلاقات الثنائية مع المغرب. يُنظر إلى هذا الموقف في المغرب بتفاؤل، حيث يبرز أهمية الشراكة الوثيقة والمفيدة للبلدين. بالإضافة إلى ذلك، يدعم الحزب جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للوصول إلى حل مقبول للطرفين في إطار الأمم المتحدة. يعكس هذا الموقف التركيز على الحوار والمفاوضات، والسعي لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
يتعين على الأطراف المعنية أن تبذل جهودًا مشتركة لتعزيز التعاون والتفاهم المتبادل من أجل تحقيق المصالح المشتركة والاستقرار في المنطقة.
الحزب الشعبي: (PP):
يقترح برنامج الحزب الشعبي (PP) تأسيس علاقة متوازنة مع دول المغرب العربي، بما في ذلك المغرب، استنادًا إلى الاحترام المتبادل والقانون الدولي. يرحب المغرب بهذا الموقف، حيث يؤكد على أهمية التعاون القائم على المبادئ والقوانين المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، يتعهد الحزب بدعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول لجميع الأطراف في الصحراء المغربية. يعكس هذا الموقف دعما لجهود الوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة، ويعزز سعيه للوصول إلى حل سلمي للنزاع.
حزب VOX:
يؤكد حزب VOX على حماية سبتة ومليلية كجزء لا يتجزأ من إسبانيا، مع تعزيز وجود قوات الأمن الداخلي على الحدود. من منظور المغرب، قد يثير هذا الموقف بعض القلق، حيث إن المأمول هو أن تكون العلاقات بين البلدين قائمة على التعاون والاحترام المتبادل. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أن برنامج حزب VOX يدعو أيضًا إلى تعديل معاهدة حلف شمال الأطلسي لتشمل بشكل صريح سبتة ومليلية تحت حماية الناتو. يعكس هذا الموقف قلق الحزب بشأن الوضع الأمني والدفاع عن مصالح إسبانيا في المدن المحتلة.
حزب سومار SUMAR:
في تغيير مفاجئ لموقفه السابق، يقترح حزب SUMAR ( Unidos Podemos سابقا) استعادة إسبانيا لموقفها السابق بشأن الصحراء المغربية، ودعم حق تقرير المصير لما يسمى “الشعب الصحراوي” ضمن إطار الأمم المتحدة. مثل هذا الاقتراح المعادي لمصالح المغرب، ستكون له تداعيات خطيرة من المنظور المغربي. أكدت المملكة المغربية، ومنذ أمد بعيد، أن الصحراء المغربية هي جزء لا يتجزأ من أراضيها، قانونيا وتاريخيا. فقد يؤدي هذا الموقف بخصوص قضية حساسة مثل الصحراء المغربية، إلى عدم الاستقرار، وخلق توترات في المنطقة. لقد التزمت المملكة المغربية بإيجاد حل سياسي عادل ودائم للنزاع في الصحراء، وعملت بالتعاون مع الأمم المتحدة على تقدم عملية التفاوض. ومع ذلك، فإن دعم “سومار” لحق تقرير المصير لما يسمى “الشعب الصحراوي”، قد يعرقل جهود التوسط والتقدم المحرز حتى الآن.
الخلاصة، أن برامج الأحزاب السياسية الإسبانية تكشف عن اختلافات ومواقف متباينة فيما يتعلق بالمغرب والصحراء المغربية وسبتة ومليلية. ففي حين يسعى الحزب الاشتراكي العام الإسباني والحزب الشعبي إلى تعزيز العلاقات الثنائية ودعم الجهود الدولية للوصول إلى حل عادل للنزاع في الصحراء المغربية، يركز حزب VOX على حماية المدن المحتلة والدفاع عن مصالح إسبانيا. بالنسبة لحزب SUMAR، فإن تغيير موقفه بشأن الصحراء المغربية يثير تساؤلات حول تأثيره على العلاقات الثنائية، وقد يعكس دعمًا لـ “حق تقرير المصير للشعب الصحراوي”، وفق أطروحته.
من المهم مراقبة هذه المواقف وتطورها مستقبلا على أرض الواقع، حيث ستكون لها تأثيرات هامة على العلاقات بين المغرب وإسبانيا. يتعين على الأطراف المعنية أن تبذل جهودًا مشتركة لتعزيز التعاون والتفاهم المتبادل من أجل تحقيق المصالح المشتركة والاستقرار في المنطقة.
- فكري سوسان، باحث مغربي في العلاقات المغربية الإسبانية
