فكري سوسان: المغرب أمام أزمة الهجرة في أوروبا: ماذا يجب أن نفعل؟

18 سبتمبر 2023
فكري سوسان: المغرب أمام أزمة الهجرة في أوروبا: ماذا يجب أن نفعل؟

للمغرب دور هام يتعين أن يقوم به في أزمة الهجرة التي تؤثر على أوروبا. علينا النظر أبعد مما تقوله الأرقام، والعمل بالتعاون مع جيراننا الأوروبيين، مع مراعاة استراتيجيتنا الوطنية الخاصة بالهجرة واللجوء، للنظر في الأسباب الجذرية لهذه الأزمة، والبحث عن حلول تعود بالنفع على الجميع.

في زمن تصاعد الضغط على الحدود الأوروبية بشكل مثير للقلق، يعتبر أمرًا حاسمًا بالنسبة لنا في المغرب أن نتأمل في آثار هذه الظاهرة التي تؤثر مباشرة على جارتنا أوروبا. كوننا الدولة الأقرب جغرافيا لأوروبا وشركاء استراتيجيين لها، يتعين علينا فهم وتقييم الوضع من منظورنا الخاص.

المغرب، كبلد ملتزم باستقرار المنطقة من جهة، وعلاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، يجب أن ينظر إلى موضوع الهجرة من منظور استراتيجي

الأرقام تتحدث بنفسها. سجلت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين خلال السبعة أشهر الأولى من هذا العام، أي بزيادة 13٪ مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي. يواجه الاتحاد الأوروبي ضغطًا هجريًا لم يشهده منذ سنوات، ويبدو أن تدفق اللاجئين والمهاجرين سيستمر في التصاعد.

ومع ذلك، وبعيدًا عن لغة الأرقام، فإنه من الأمور الأساسية فهم أن هذه أزمة الهجرة هي ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب تستوجب التعامل معها من منظور شامل. درج الاتحاد الأوروبي على وضع سياسات للتعامل مع تدفق المهاجرين “الاقتصاديين” واللاجئين لأسباب أخرى بمجرد وصولهم إلى شواطئه. لكن، هل تم التفكير في أولئك الذين يضطرون للمخاطرة بحياتهم عبر الصحاري والبحار بحثًا عن مستقبل أفضل؟

مهاجرون غير شرعيين في عرض البحر المتوسط

صحيح أن اتفاقية جنيف، التي وضعت إطارًا قانونيًا لحقوق اللاجئين، لديها أكثر من 70 عامًا من العمر، ولكن هذا لا يبرر انتهاك حقوق الإنسان الذي شهدناه في الآونة الأخيرة. التقارير عن تعرض الأشخاص للتعذيب في مراكز الاحتجاز في ليبيا والطرد دون ماء أو طعام من قبل السلطات التونسية مقلقة وتستدعي إثارة الانتباه والتدخل.

والمغرب، كبلد ملتزم باستقرار المنطقة من جهة، وعلاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، يجب أن ينظر إلى موضوع الهجرة من منظور استراتيجي. علينا التساؤل عن كيفية المساهمة في التعامل مع جذور هذه الأزمة بعيدًا عن السياسات الهجروية الأوروبية.

من المهم التنويه إلى أن المغرب لديه استراتيجية وطنية خاصة بالهجرة واللجوء تقوم بوضع إطار للتعامل مع قضايا الهجرة بشكل متكامل. تشمل هذه الاستراتيجية ليس فقط السياسات الزراعية واتفاقيات الصيد، ولكن أيضًا تعزيز الفرص الاقتصادية في المنطقة بهدف تقليص ضغط الهجرة.

في زمن تهديدات الشعبوية وتأثيرها على قيم الاتحاد الأوروبي، على المغرب تعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى. حوار لا ينظر فحسب إلى الهجرة كتهديد، بل كفرصة للتنمية والتعاون المتبادل. حوار يقدر معاناة الذين يضطرون للهروب من بلدانهم، ويسعى إلى اقتراح حلول إنسانية للظاهرة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق