يبدو أن هوس حزب “فوكس Vox ” المرضي بالمغرب لا يعرف حدودًا، وهو على استعداد لاستغلال أي فرصة لجني الأصوات الانتخابية. اتهاماته غير المبررة والمشهّرة ضد المغرب والنواب الأوروبيين المؤيدين لقانون البيئة الأخضر في الاتحاد الأوروبي، لا تفتقر فقط إلى أسس، ولكنها تظهر أيضًا نقصًا في الفهم والاحترام للعلاقات بين البلدان المجاورة.
ردًا على التصريحات الأخيرة لحزب اليمين المتطرف الإسباني فوكس، والتي نقلتها الصحيفة الإسبانية الرقمية “فوزبوبولي Vozpópuli”، من الضروري دحض اتهاماتها المفترية والمجحفة الموجهة ضد المغرب والنواب الأوروبيين الذين دعموا قانون البيئة الأخضر في الاتحاد الأوروبي. هذه الاتهامات هي محاولة واضحة للتشويش على السلم، وجني الأصوات الانتخابية، بدلاً من تعزيز الحوار البناء والتعاون بين الدول المجاورة.
حاول “فوكس” بشكل مكشوف التلميح بأن النواب الأوروبيين الذين دعموا القانون الأخضر، تلقوا “إتاوات” من المغرب بهدف إلحاق الأذى والضرر بالقطاع الزراعي الأوروبي، والإسباني على الخصوص. غير أن هذه الادعاءات تفتقر إلى أدلة ملموسة، ولا تعد سوى تلميحات خبيثة تهدف إلى تقويض العلاقة الجيدة الموجودة بين إسبانيا والمغرب، ولتحويل الانتباه عن القضايا الحقيقية المطروحة.
من المهم أن نتذكر أن المغرب يعتبر شريكًا وفيا وملتزمًا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجالات مختلفة، بما في ذلك البيئة. ولقد عمل كلا الجانبين، ولا يزالان يعملان، معًا للتعاطي بذكاء مع التحديات البيئية وتعزيز الاستدامة في المنطقة. هذه الاتهامات من “فوكس” لا تفتقر فقط إلى الأساس والمصداقية، ولكنها أيضًا تضعف الجهود المشتركة لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.
بدلاً من الحفاظ على هوسه المستمر والمهووس تجاه المغرب، يجب على “فوكس” التركيز على قضايا هامة لبلاده، وتعزيز بناء علاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل
يهدف القانون الأخضر الجديد في الاتحاد الأوروبي إلى حماية واستعادة النظم البيئية المتدهورة، وهي خطوة إيجابية نحو مستقبل أكثر استدامة. ومع ذلك، يبدو أن “فوكس”، التائه في عجزه السياسي، يستخدم هذه الاتهامات كأداة للحصول على الأصوات الانتخابية، بدلاً من تعزيز الحوار والتعاون بين الدول المجاورة، والتي لديها الكثير من المصالح الاستراتيجية المشتركة.
بدلاً من الوقوع في فخ الخطاب السرابي والتسييس غير المبرر، فمن الضروري أن تركز المجتمعات، في هذه الحالة الإسبانية والمغربية، على التحديات الحقيقية التي تواجهها، وهي التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي وتعزيز التنمية المستدامة. فقط من خلال التعاون، وخاصة التعاون بين الدول المجاورة، يمكن التصدي لهذه التحديات بشكل فعال، وبناء مستقبل أفضل للجميع.
في سياق العملية الانتخابية المقبلة في إسبانيا، المقررة في غضون أيام قليلة، يتحمل المواطنون الإسبان مسؤولية تقييم الاقتراحات السياسية بعناية والتمييز بين الخطابات الشعبوية والحلول الحقيقية. فالسياسة المستندة إلى الهوس المرضي والاتهامات بلا أساس لا تبني مستقبلا واعدًا، بل تعزز التفرقة وتضعف التعاون المتبادل.
من المهم والعاجل أن يدرك “فوكس” أن المغرب يحتل موقعًا جغرافيًا قويًا ومهمًا في منطقته الإقليمية. وأن للمغرب تأثيرًا كبيرًا في الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية للمنطقة بسبب موقعه الاستراتيجي في شمال إفريقيا، والذي يعمل كجسر بين أوروبا وإفريقيا.
بدلاً من الحفاظ على هوسه المستمر والمهووس تجاه المغرب، يجب على “فوكس” التركيز على قضايا هامة لبلاده، وتعزيز بناء علاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل. اعترافه بدور المغرب في المنطقة هو خطوة أولى ستساعد على فهم الواقع الجيوسياسي بشكل أفضل وتعزيز جدول أعمال سياسي أكثر بناءً ومفيدًا لكلا الدولتين.
في هذه الأوقات الصعبة والمعقدة والمتغيرة التي نعيشها، يجب أن نسترشد بهذه الكلمات الحكيمة للمفكر الإسباني خوان غويتيسولو: “يعلمنا التاريخ أن علينا دائمًا الجمع وليس الطرح”. لنتعلم من هذا الدرس ونعمل معًا لبناء مستقبل أفضل للجميع. من خلال جمع قوتنا والسعي لإيجاد حلول مشتركة، عندئذ يمكننا الوصول إلى عالم يتسع للجميع.
* فكري سوسان: أستاذ باحث في العلاقات الإسبانية المغربية