بالنظر إلى التحديات القادمة في انتظار تشكيل الحكومة الإسبانية الجديدة، يُطرح السؤال عما إذا كانت العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا ستحتفظ بقوتها وتحقق التقدم المشترك الذي تم التوصل إلى وضع أساساته. وهل ستستمر مسارات التقارب بين البلدين لمواجهة الصعوبات والتحديات المحتملة؟
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين إسبانيا والمغرب تقلبات كبيرة، حيث تراوحت بين أزمات دبلوماسية وفترات من التخفيف وصفها البعض بأنها بمثابة “شهر العسل”. المغرب، كجار جنوب إسبانيا، كان محورًا للنقاش في حملة الانتخابات الإسبانية التي جرت في 23 يوليوز، واحتلت قضية الصحراء المغربية مكانًا حيويًا في العلاقات الثنائية، حيث كان موقف إسبانيا حيال هذا الموضوع محوريًا في تطور العلاقات.
وصلت الأزمة بين البلدين ذروتها عندما استضافت إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم الغالي، في مستشفى بمنطقة ريوخا في أبريل 2021. أدت هذه الخطوة إلى زيادة التوتر مع المغرب، الذي اتهم إسبانيا بمحاولة إخفاء هذا الإجراء. وفي وقت لاحق، شهدت مدينة سبتة دخول أكثر من 5000 شخص إليها عن طريق السباحة عبر البحر، مما زاد من حدة التوتر في العلاقات الثنائية.
ومع ذلك، شهدت العلاقات تحولًا تاريخيًا في مارس 2022، عندما أعلن الرئيس الإسباني بيدرو سانشيز دعمه لمقترح الحكم الذاتي حول الصحراء المغربية. هذا الإعلان وضع البلدين على طريق المصالحة. وبعد أشهر من هذا الحدث، زار سانشيز الرباط لتوقيع اتفاقيات لإزالة العقبات التي أثرت على العلاقات خلال فترة الأزمة الدبلوماسية. كما احتضنت العاصمة المغربية اجتماعًا على مستوى عالٍ في أوائل فبراير من هذا العام.
ومع ذلك، هناك بعض القلق أيضًا من وجهة نظر الإسبان الذين يرون أن هناك تفاوتا في عملية المصالحة. فمقابل خطوة دعم إسبانيا لموقف المغرب حول الصحراء المغربية، ينتظر الإسبان من المغرب تقدمًا في قضايا مثل فتح الجمارك التجارية في سبتة ومليلية. أضف إلى ذلك أن الرأي العام الإسباني لم يتوافق سياسيا بشأن الصحراء المغربية، مما قد يبقيها موضوعًا للنقاش في السياسة الداخلية الإسبانية في المستقبل.
وفي إطار هذا المستقبل، لا يتوقع المغاربة تغييرًا جذريًا في الموقف الإسباني، بغض النظر عن تغيرات الحكومة، بحيث يعتبر قرار دعم مقترح الحكم الذاتي للمغرب حول الصحراء المغربية قرارا هيكليا وثابتا.
من المهم أن تستمر الحكومة الإسبانية الجديدة في التفاعل بإيجابية مع المغرب وتؤكد على التزامها بتعزيز التعاون والتواصل البناء بين البلدين. ينبغي أن تتعاطى الحكومة الجديدة مع القضايا الملحة بحذر وتجد حلاً متوازنًا لها، مع الاهتمام بمصالح البلدين والاحترام المتبادل.
وبالنظر إلى التحديات الأمنية والاقتصادية والهجرة التي تواجه المنطقة، فإن التعاون بين إسبانيا والمغرب يتطلب تنسيقًا وتحالفًا قويًا للتغلب عليها. العمل المشترك من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، يعود بالفائدة على الطرفين.
كما أن بناء شراكة استراتيجية قوية بين إسبانيا والمغرب، يمكن أن يسهم في تعزيز التجارة والاستثمارات المشتركة وتطوير البنية التحتية والطاقة المستدامة. كما يمكن أن تكون الشراكة في مجال التعليم والثقافة فعالة في تعزيز التفاهم والتعاون الثقافي بين الشعبين.