حسب ما استخلصته من حديثك، أننا لا يمكن انتظار تحقق كل هذا في مدة لا تتجاوز السنة الواحدة؟
طبعا لا ، فأنا شخصيا لا أحبذه، انطلاقا من تجارب لغوية في بلدان متعددة ، كلغات إفريقية لدول الساحل أو اللغات التي كانت شفوية قبل انتقالها إلى الكتابة، وهناك تجارب أخرى هنا بهولندا نفسها كما عند السورينام والصينيين … فلا يمكن المرور إلى تدريس أية لغة إلا بعد أخذ الوقت الكافي لتقعيدها، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم في مدة سنة أو سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات، وإنما يحتاج لوقت طويل من الدراسة، على أن تكون هناك مراحل موازية، مثلا: إذا فُتح المعهد الذي سيكون من مهامه الاهتمام بالمسائل التقنية المرتبطة باللغة وحل مشكل الخط والمعجم والنحو واستغلال هذا الرصيد العلمي الموجود بكثرة، والدراسات الأمازيغية على شكل رسائل الدكتوراة وغيرها … ثم بعدها يُنقل كل هذا إلى المجال البيداغوجي الذي عليه أن ينجز في هذا المعهد. ذلك أن هناك معلومات ومسائل موجودة على المستوى العملي الأكاديمي، عليها أن تُنقل وتسهيل إخضاعها لمنهجيات تدريس اللغة عبر مراحل ومستويات .. إلخ.
إذن فالوقت ضروري لإنجاز مثل هذا العمل. وكما قلت: هناك مراحل موازية، من قبيل فتح مجال تكوين المكونين بمدارس عليا .. علما أن لدينا مثل هذه المدارس لتكوين أساتذة في اللغة العربية وآخرين في اللغة الفرنسية وغيرها، لذلك قلت إنه في الوقت الذي يشتغل فيه المعهد، سنعمل على استغلال الأطر المتخصصة باللسانيات الأمازيغية والمختصين في البيداغوجيا، العاملين بكلية علوم التربية وبالمدارس العليا والمراكز الإقليمية لتكوين المعلمين، ليشتغلوا مع المتخصصين في اللسانيات لتكوين المكونين في هذه الكليات والمدارس والمراكز المذكورة .. وهي الأمور التي ينبغي أن تسير بتنسيق بين هذه المجالات كلها ..
ما ذا يمكن القول عن بعض المبادرات التي تقوم بها بعض الجمعيات الأمازيغية في مجال الكتابة وتدريس الأمازيغية، سواء داخل المغرب أو خارجه، فهل يعتبر ذلك مجهودا ضائعا؟
لا لا أبدا، وقد سبق لي أن أشرت لهذه القضية في بعض الاستجوابات والكتابات. فأنا اعتبر ما هو موجود ـ بالرغم مما يتسم به من فوضى وضبابية ـ حسب الأشخاص الذين يكتبون أو يقترحون ـ وهذا التراكم الذي يزداد ويتحقق كل يوم، يعتبر من المسائل الإيجابية جدا، لأن هذا المنتوج نفسه يمكن أن يُستغل مستقبلا من قبل هذا المعهد، كلما أصبح يشتغل بصفة رسمية وقانونية. فهذا التراكم الحاصل عند الجمعيات أو عند المثقفين والشباب المهتمين بالمجالات التي يبدعون فيها، كل هذا يمكن أن يُستغل ويُستثمر. لذلك قلت: إن هذا لا يمكن اعتباره عملا ضائعا، وإنما بالعكس فهو إيجابي جدا رغم بعض سلبياته. مثلا: بالنسبة للمعجم، هناك فوضى في الواقع، فكثيرون في المغرب وفي الجزائر وهنا في هولندا بأوروبا وأمريكا… ينتجون كلمات لضرورة مسايرة العصر ومسايرة الحداثة من قبل هؤلاء الشباب الغيورين على الأمازيغية، مصرين على إظهار الأمازيغية كلغة حديثة هي أيضا… لذلك ترونهم يختلقون كلمات تفتقر إلى تنسيق، مما يجعلنا في بعض الأحيان نسقط في نوع من الفوضى! هذا هو الجانب السلبي الوحيد الذي ألاحظه في هذه المسائل التي تنتجها بعض الجمعيات والأشخاص …
(يتبع)