قاضي قدور والمسألة الأمازيغية (7 والأخيرة)

17 سبتمبر 2024
قاضي قدور
قاضي قدور

[تزامنا مع الذكرى 29 لرحيل الدكتور قاضي قدور(15 شتمبر 1995 / 15 شتمبر 2024) ننشر الحلقة الأخيرة من حواره الهام مع الأخ جمال حميد باسم الإذاعة الهولندية].

أ ـ مبدأ الترابية : وهنا أقر بأهمية النقاش الجاري حاليا بهذا الخصوص، سيما بعد صدور كتاب عبد الكريم غلاب، نهاية 1993 وبداية 94، يتضمن من بين ما يتضمنه تعليم اللغة الأمازيغية، غير أن الصيغة المقترحة من لدنه في هذا الشأن تنبني على مبدإ الترابية؛ أي أنه استعان بمبدإ واحد فقط، والذي يفرض على الفرد تعليم وتعلم  “لهجته” الأمازيغية في جهته وإقليمه الخاص! غير أن العائق  الأكبر الذي سيعترض هذا الحل سرعان ما سيحله المبدأ الثاني الذي أقترحه اعتمادا على باحث لساني إسباني اسمه NILIONEZ (نيليونيس) وهو:

ب : مبدأ الشخصية: فلا بد من الجمع بين هذين المبدأين: الترابية والشخصية، لماذا؟

ـ انطلاقا من اعتبارين أساسيين : الأول تاريخي والثاني جغرافي:

التاريخي: كما أكدت على ذلك سلفا، هو الاحتكام للواقع، أي أن  الشعب المغربي خضع لانصهار واندماج بين العنصرين، وهذا الجانب التاريخي يعني أن الجهات التقليدية التي يُتحدث فيها بالأمازيغية ـ مثلا: الريفية في الشمال وأمازيغية الأطلس وتشلحيت في سوس ـ  لم تعد اليوم تمثل ثقلها الطبيعي، كما كانت قديما، بحكم الهجرات إلى المدن و إلى أوروبا …

 الجغرافي: لنأخذ بعض المدن الكبرى مثل الدار البيضاء أو فاس أو مكناس التي هي مزدوجة اللغة، فكيف لنا بتعليم الأمازيغية فيها؟ فلا يمكن التعامل معها فقط انطلاقا من مبدأ الترابية الذي اعتمده غلاب، بل بالجمع بين المبدأين، انطلاقا من عمل تقني لتعليم اللغة الأمازيغية وليس اللهجات الأمازيغية … فتعليم اللغة الأمازيغية، وهنا أسطر على هذه القضية وأنبه إليها: لأن الأمازيغية التي أعنيها هنا ليست لغة أمازيغية أسطورية، التي تجمع فيما بين جزر الكناري إلى سيوا والنيجر ومالي، ولكن اللغة التي سنعتمدها هي لغة واقعية موجودة في كل اللهجات. فبالنسبة للمعجم، هناك تقنية بسيطة تخص المرادفات، مثلا: الوطن أو البلاد، تسمى ثمورث وثمزيرث بالنسبة لسوس والأطلس، ونحن في الريف نسميها ثمورث، إذن يمكن لنا اعتماد الكلمتين في المعجم الأمازيغي أي الوطن = ثمورث = تمزيرت كما هي في اللغات الأخرى، فكل لغات العالم لها مرادفات، لذلك حدثتك على مبدأي الترابية والشخصية (الوطنية) لحل الإشكالية التي يطرحها البعض من قبيل: أية لغة سندرس؟ هل هي اللهجات أم ماذا؟ وغيرها من التساؤلات التي يجيب عنها هذا الحل الذي أقترحه، وأنا متأكد من قيمته البراغماتية كلما تم ضبطه أكثر فأكثر مع ما يتطلبه ذلك من الوقت الكافي للتفكير فيه بالجدية المطلوبة.

جمال حميد : هل آلت وزارة التعليم على نفسها تخصيص ميزانية لتحقيق مثل هذا المشروع الهام بالمغرب؟

قاضي قــدور: مع الأسف، أقول لا، انسجاما مع ما ينطق به الواقع، كما علينا أن نؤكد ونأمل ألا يقع تأجيل هذه المسألة، خصوصا بعد أن تم، من قبل السلطات العليا المقررة في البلاد، التوقيع على السلم اللغوي، هذا السلم القادم من 20 غشت 1994، وعليه، نتمنى أن يمر المسؤولون في البلاد عمليا إلى تطبيق هذه السياسة، ذلك أن ما يلاحظ اليوم هزيل جدا، كما قلت سابقا، فليس هناك أكثر من تخصيص مدة 4 دقائق في الإعلام لكل جهة أو (لهجة) …

وسأمر على باقي الأمور، كالتلفزة وغيرها مر الكرام، لأجيب عن سؤالك مباشرة، مؤكدا ..

أولا: على أن القانون المالي لسنة 1995 لا يتضمن أية إشارة للميزانية التي يمكن أن ترصد لتطبيق هذه السياسة وإنجاز هذه الأعمال التي تحدثنا عنها …

ثانيا: وهذا مؤسف جدا، حتى اللجنة الوطنية للتعليم التي اشتغلت، خلال شهر شتمبر وجزء من أكتوبر، على التفكير في إعادة هيكلة التعليم سواء الابتدائي أو الثانوي أو العالي … هذه اللجنة لم تكن فيها أية تمثيلية لمجلس التنسيق الوطني للجمعيات الأمازيغية ولا لباحثين مختصين في ميدان الأمازيغية! وأتأسف كثيرا لهذا الغياب، وهما مؤشران حاليا أتمنى أن يتغيرا مستقبلا، أي غياب ميزانية خاصة للأمازيغية ضمن الميزانية العامة لسنة 1995 ومعها عدم إشراك الفعاليات العلمية والثقافية من ذوي الاختصاص في اللجنة الوطنية للتفكير في التعليم.

انتــــــــهى

حوار إذاعي اجراه  مع الفقيد : حميد جمال

أعده وقدم له: محمد الزياني

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق