محمد أزرقان: يوميات مهاجر إلى هولندا (9)

27 يونيو 2023
محمد أزرقان: يوميات مهاجر إلى هولندا (9)

انتهت عطلة رأس السنة، ولم يبق لي إلا أن أتجهز وأستعد للسفر عائدا إلى قرية (حد الرواضي) لاستئناف الدراسة. وكان موعد سفري يوم الأحد باكرا. رافقتي الوالدة خارج البيت تدعو لي بالرضى والتوفيق والنجاح فسكبت دمعة من عينيها. لا أدري هل هي دمعة الفراق.. أو دمعة ألامها العضال.. أم الاثنان معا؟

بعد ترتيب أغراضي في الغرفة، استأذنت الوالد بالخروج للسلام والاطمئنان على أحوال الأصدقاء من كتاب الجماعة القروية، وبعض أصحاب المحال التجارية دون أن أنسى طبعا مقهى عمي بوعلال. أتذكر كم كان الرجل سعيدا بزيارتي له. رحب بي وقدم لي كوبا من الشاي بعشبة الشيبة، ثم أخبرني بأن ابنه الأكبر الذي يتابع دراسته بمدينة الحسيمة، مرحلة الثانوية العامة، سيقوم بمساعدتي لتذليل الصعوبات التي تواجهني في الدراسة. والواقع فاجأني الرجل بهذا الخبر.

قلت له: لم أعلم بهذا!

فقال: سبق أن اتفقت مع والدك لأكلم ابني أولا في شأن مساعدتك، فإذا وافق أخبرناك.

قلت له: كانت مفاجأة إذن!

أجابني بقوله: تستطيع أن تسميها كذلك.

عمي بوعلال، هذا الرجل الفاضل والنبيل، لن أنسى حرصه على مساعدتي ومعاملته الإنسانية واهتمامه بأحوال دراستي. هو رجل مرح صبور، ذو أخلاق حسنة، حكيم التصرف، يكن الاحترام لآهالي البلدة، يحب لهم الخير ويقدم لهم العون والمساعدة، خاصة الطلبة منهم وذوو المعرفة. لذلك كان هؤلاء الطلبة والمدرسون وكتاب إدارة الجماعة القروية يتخذون من مقهاه مقرا لنقاش المواضيع الاجتماعية والسياسية. وكان ييسر لهم هذا الأمر ويقدم لهم الشاي، بل تراه بعض الأحيان جالسا في وسطهم يقول رأيه ويدلو بدلوه في النقاش.

إذا كان بعض المناطقة يذهب بهم الظن إلى أن كل شيء قابل للبرهنة، فباسكال يقول بمحدودية القدرة البرهانية العقلية، وأن هذه المحدودية بادية في مختلف أنماط وحقول المعرفة.

خرجت من عند عمي بوعلال وأنا سعيد بالخبر الذي زفه لي: مساعدة ابنه لي مرة في كل أسبوعين عندما يسمح له الوقت بذلك يوم الأحد صباحا. مررت على محل تاجر يبيع حلوى النوقة المفضلة لدي، طعمها حلو ممزوجة بالفول السوداني (الكاو كاو)، فاشتريت قطعتين بثمن نصف درهم التهمتهما التهاما.

عدت متأخرا إلى البيت، سألني الوالد: أين كنت، أنا في انتظارك لتناول وجبة الغذاء، تأخرت كثيرا! هل تجولت في السوق، وهل تفقدت أحوال الأصدقاء وزرت عمي بوعلال في مقهاه؟ قلت: هذا صحيح

 أجابني بقوله: لا بأس بهذا، ولكن المرة القادمة احرص ألا تتأخر. زيارة الأصدقاء والجلوس في المقهى يجب أن تكون في حدود المعقول وبحسب الاتفاق، ولا تجعلني أغضب، أرجوك!

والوالد كان محقا طبعا، اتفق معي ومنذ البداية أن ألزم حدودي وألا أتجاوزها، خاصة إذا تعلق الأمر بإهدار الوقت وإنفاقه على حساب مستقبل دراستي. وهذا خط أحمر بالنسبة للوالد، لأن الأمر لا يحتمل أن أضيع مزيدا من الوقت والسنوات من عمري. يكفي ما ضاع مني من سنوات عجاف، أخرت من مسار دراستي.

استأنفت الدراسة بعد عطلة أعياد الميلاد بحماسة وروح جديدة راجيا من الخالق أن تكلل هذا السنة بالتوفيق والنجاح، لأنهي هذه الصفحة الأصعب من أيام حياتي، وهي صفحة مرحلة التعليم الابتدائي التي عانيت فيها أشد المعاناة النفسية.

كان هم الوالد هو أن أوفق في اجتياز امتحان شهادة التعليم الأساسي الذي ينتظرني في الشهور القادمة. ولذلك كان يبذل كل ما في وسعه لمساعدتي على إعداد وتحضير مواد الامتحان. تحدث مع صاحب المقهى عمي بوعلال في شأن مساعدة ابنه لي، بعدما تحدث مع مدرسي الفرنسية والعربية لتحديد المواد التي أعاني النقص فيها… باختصار، لم يقصر في هذا الجانب ليوفر ويسهل لي كل الإمكانات المادية والمعنوية لأحصل على نتائج الامتحان موفقة ومشرفة.

الوالد رجل صارم في اتخاذ قراراته، يكره تكرار الفشل، مقدام، لا يعرف التراجع، يعمل على أداء واجباته ويتحمل مسؤولياته. وأحسب أن هذه الروح لجوانب شخصيته تعود عليها في إطار التربية العسكرية التي أفنى فيها شبابه وعمره. وقد عمل جهده وجاهد من أجل مستقبل دراسي أفضل لأبنائه كلهم. وكان الرجاء يحدوه بأن يرانا حاملين لشهادات من درجات عالية. ولكن هذا الأمر لم يتحقق، ولا واحدا منا أتم دراسته العليا، كما كان يتمنى.

عندما يتطلع الإنسان إلى الأفق البعيد، ويمد بصره في هذا الكون الفسيح إلى ما لانهاية، لا بد أن يتملكه شعور روحاني لا حد له تجاه كل ما يحيا في هذا الكون

مرت أسابيع على استئناف الدراسة بعد عطلة أعياد الميلاد وأنا مازلت أنتظر مساعدة ابن عمي بوعلال كما وُعدت!

 سألت الوالد: مرت أسابيع ولم يحصل الموعد كما اتفقنا مع صاحب المقهى (عمي بوعلال)؟

قال الوالد: لا تقلق! سيأتي لمساعدتك يقينا…

ولكن مر أكثر من شهر ولم أسمع شيئا، ماذا يعني هذا؟!

أجابني بقوله: لا داعي للقلق، فابن سي بو علال يأتيك الأسبوع القادم يوم الأحد… كان مشغولا بإجراء الامتحانات… اطمئن!.. فسي بو علال رجل لا يخلف الميعاد، وهو معروف لدى الأهالي باستقامته وحسن أخلاقه. عليك إذن أن تستعد لاستقباله يوم الأحد القادم صباحا.

أتذكر هذا الحديث واطمئنان نفسي القلقة بسبب طول الانتظار، ذلك أنني عقدت أملا كبيرا على هذه المساعدة.

كان لقائي الأول مع ابن سي بوعلال لقاء تعارف وتحديد المواد التي أواجه فيها الصعوبات. حصة اللغة العربية: الإعراب والشكل أعاني فيهما نقصا ضارا، بنية أفعال اللغة الفرنسية وصرفها في الماضي صعوبة أخرى تشكل لي تحد قاس في التعبير الكتابي وفهم النصوص واستيعابها عند القراءة. فكانت المساعدة تتركز خاصة على هذه الجوانب لتذليل هذه الصعوبات.

كنت أتوق إلى التعبير عن أفكاري وأحاسيسي، ولكن حصيلتي اللغوية لم تسعفني في التعبير عن المواضيع التي تشغل ذهني مثل معاناة طفولتي ومرض الوالدة، وخاصة عندما كانت تصدر منها تلك الصرخة: افعلوا شيئا ما وأنقذوني من هذا العذاب!… أنقذوني من هذا الجحيم!… وإلا سيغيبني هذا المرض اللعين وأنتم لا تشعرون!…

هذه التجربة للحياة بأتراحها وأفراحها كنت أرغب في تسجيلها لتكون شاهدة عن هذه المرحلة ولكن عبثا أحاول، حتى أتيحت لي الفرصة في بلد المهجر لكتابتها معتمدا فقط على الذاكرة.

كان التعبير الكتابي عندما يكون للاختيار، تجدني أميل إلى اختيار مواضيع تتحدث عن هذا الوجه الأليم للحياة، أو التعبير عن الكون الفسيح الذي أحيا وتحيا فيه المخلوقات التي لا تحصى ولا تعد. وجميع مواضيع التعبير الكتابي التي كتبتها في مرحلة التعليم القاعدي والثانوي احتفظت بها في صندوق مع كتب وكراسات أخرى مهمة، كمذكرات تصل روحي بطفولتي المدفونة في ذكريات الماضي. هذا الصندوق كان من إهداء والدتي، أهدي لها عندما تزوجت، وهي أغلى هدية عندي، وتعمدت أن أحتفظ فيه بوثائق مسار دراستي. وقبل المغادرة إلى بلاد هولندا وعدتني الوالدة بأن تحتفظ به حتى أعود. وحينما عدت بعد عقد ونصف من الزمن لم أجده، سألت عنه ولكن دون جدوى، وأحسب أن الصندوق ضاع مع فراق الوالدة للحياة. كان من الممكن أن أجد في هذا الصندوق وثائق تؤرخ لأحداث مهمة في حياتي، أستعين بها لكتابة هذه المذكرات.

استطعت أن أتغلب على كثير من الصعوبات التي كنت أعانيها في تحضير مواد امتحان شهادة المرحلة الابتدائية. وهذا لم يكن ليحصل لولا فضل ومساعدة ابن سي بوعلال. كان ابن عمي بوعلال يأتي يوم الأحد بحسب الاتفاق، في حدود الساعة العاشرة صباحا، لتستمر المذاكرة والنقاش غالب الأحيان إلى ما يقارب الساعة الثانية بعد منتصف النهار. أتذكر أن جل الوقت كان يخصص لتذليل صعوبات مادة الشكل والإعراب وتصريف الأفعال الفرنسية في الماضي.

نحن الآن مقبلون على عطلة فصل الربيع، وقد انتظرت هذه المناسبة لزيارة الأهل ببلدة بني حذيفة والاستمتاع بطبيعتها الخضراء. وحساسيتي تجاه فصل الربيع كبيرة، وخاصة أجواء هذا الفصل في رحاب البلدة تكون حساسيتي أكبر.

عندما يتطلع الإنسان إلى الأفق البعيد، ويمد بصره في هذا الكون الفسيح إلى ما لانهاية، لا بد أن يتملكه شعور روحاني لا حد له تجاه كل ما يحيا في هذا الكون، ولكأني بهذا الشعور تصحبه وتصدر عنه تسابيح ربانية كتلك التي وردت في كتب الفيدا أو كتلك التي وردت في مزامير داود. هكذا كان شعوري منذ أن كنت طفلا صغيرا.

هذه المسحة الجمالية الروحية والتجربة النفسية الصوفية، سبق للفيلسوف الفرنسي (بليز باسكال) أن عايشها فأدلى بالشهادة التالية: “عندما أتأمل الكون حولي ينتابني الخشوع، بين العدم الذي خرجت منه، واللانهاية التي أنا باتجاه الذهاب إليها”. وفي شهادة أخرى يقول فيها: “أنا كل شيء عندما أقارن بالعدم، ولكنني لست بشيء عندما أوضع بجنب اللانهاية”.

لا يقرأ الإنسان هذه الخواطر لبسكال، والتي يعبر عنها باللانهائيتين، إلا ويقشعر جلده للتعبير الممزوج بين الإيمان بمخلوقات الله والفلسفة، وهو قمة فيما يصل إليه الفكر الحر، فيجمع بين خشية الله وعبادته وبين وعي الذات وانطلاقة الروح في الملكوت.

عرفت باسكال من خلال الأعداد وعلم الاحتمالات ونظرياته الفزيائية، أي الجانب العقلي الآلي العددي. ولكن عندما تناولت كتابه “الخواطر” بالقراءة والبحث، عرفت في فكره الجانب الروحي الصوفي.

كان باسكال ينفتح على قدرات معرفية أخرى غير العقل، فيرى أن للقلب أيضا انفتاحات إدراكية، وأن كثيرا من المبادئ هي إحساسات قلبية. ففي خاطرة من خواطره، يشير إلى أن القلب يحس بوجود الله، ويحس بلا تناهي الأعداد، وثلاثية الأبعاد المكانية… إنها مبادئ قلبية تبدد الشك، لكن العقل ليس سوى آلة استدلال تنحصر وظيفتها في الاستنباط من المبادئ، وليس البرهنة عليها. وبهذا خالف باسكال الاتجاه الديكارتي في نزوعه العقلاني الوثوقي المغلق.

وأحسب أن قصد باسكال من خواطره هو الدفاع عن الدين، ونقد الإلحاد. إلا أن تأسيس دفاعه كان بمثابة تمهيد إبستمولوجي – معرفي (نظرية المعرفة)، يمكن ويبرز ضعف قدرة العقل أمام مطلب اليقين، حيث يخص مسائل المبدأ والمنهج والمنطق والبرهان بوقفات دقيقة عميقة. فلقد درس القدرة العقلية من زاوية أنماط مناهجها في التفكير، ثم بين محدوديتها، بالنظر إلى عمق وصعوبة الأسئلة الدينية الكبرى.

إذا كان كثير من الفلاسفة يقولون بالمنهجية الكلية، فيذهب بهم الظن الواهم إلى أن بإمكان منطلق منهاجي (ميتودلوجي) واحد أن يعالج مختلف موضوعات ومجالات الوجود، فإن باسكال تنبه مبكرا إلى خلل الأحادية المنهجية، فنادى بضرورة تأسيس المنهج بحسب طبيعة الموضوع الذي سيشتغل عليه. وتلك ملحوظة أكدتها الأطروحات الإبستمولوجيا الفلسفية المعاصرة. غير أن باسكال نادى بها منذ القرن السابع عشر، كما نادى بها من قبل الفيلسوف أبو حامد الغزالي، رافضا بذلك فكرة هيمنة أراج نون واحد أو أحادية المنطق، بوضعه كآلة للعلوم جميعا.

ومن هذا المنطلق القائل بأولوية الموضوع على المنهج، ووجوب مراعاة خصوصيته في التأسيس المنهجي التي يلزم عنها وجوبا، تعدد المناهج لتعدد المواضيع واختلافها، انتقد باسكال أرسطو وديكارت، مؤكدا أن المنهج المنطقي الصوري الأرسطي، وكذا المنهج الديكارتي الحدسي – الاستنباطي غير قادرين على مقاربة الموضوع الطبيعي، وأن المنهج الذي يناغم هذا الموضوع هو المنهج التجريبي.

ويؤكد باسكال أيضا في سياق المسألة المنهجية على وجوب الميز بين المبدأ والبرهان. وإذا كان بعض المناطقة يذهب بهم الظن إلى أن كل شيء قابل للبرهنة، فباسكال يقول بمحدودية القدرة البرهانية العقلية، وأن هذه المحدودية بادية في مختلف أنماط وحقول المعرفة. حيث لا بد للعقل في عملية الاستدلال من مبادئ أولية غير مبرهنة. أما لو انساق نحو طلب الاستدلال على كل شيء، لما انتهت سلسلة الطلب ولاختلت العملية البرهانية من أساسها.

ولكن، ما الذي حمل باسكال على الاهتمام بسؤال المنهج؟ من خلال قراءتي في متن كتاب “الخواطر” والتعليقات التي كتبت حولها، لاحظت أن المسألة الدينية كانت هي أساس هذا الوعي المنهجي النقدي. فالقضايا الدينية الكبرى، هي التي أكدت له محدودية القدرة البرهانية العقلية. ومن الملاحظ أيضا أنه، في تنظيره لمكانة المبدأ كأساس أولي، يختلف مع ديكارت في فطرية المبادئ، فيراها نتاج عادات. والعادة تتغير وتتطور، وليست ثابتة، لذا فالمبادئ الأولية تخضع هي أيضا للتبدل والتغيير.

ينزع العقل دائما نحو عدم الوقوف عند أي حاجز، فملكة التفكير بطبعها تتطلع إلى احتواء كل موضوع. ولكن هذا لا ينبغي أن يخدعنا، فنظن إطلاقية إمكانات هذه الملكة للتفكير.

فالعلم اليقيني الجازم – بنظر باسكال- لا يمكن أن يتحصل إلا بمعرفة العلل والمعلولات كلها، من البدء حتى النهاية. وبما أن هذا فوق الإمكانات المعرفية للعقل، فإن العلم ممتنع بمدلوله السابق، ولا يمكن تحصيله. فنحن عاجزون عن البرهنة على نحو لا يستطيع المذهب الاعتقادي – العقلاني، مهما حاول، أن يرفع أو يسد ذلك العجز. كما أن لدينا فكرة عن الحقيقة لا يستطيع المرتابون والمشككون، مهما حاولوا، اقتلاعها من نفوسنا.

فبسكال يرى أن انعدام البرهان لا يعني انعدام القدرة على البرهنة على صواب الاختيار الديني، لأن الرهان على ما بعد الموت يفوز فيه الاختيار الديني على الاختيار الالحادي، كيفما كانت طبيعة ذلك الما بعد، إثباتا للموقف الديني أم نفيا له. بهذا يستبدل باسكال الرهان بالبرهان.

من خلال هذه الفقرات، نفهم أن باسكال ينتقد أحادية المنهج كما يراه المذهب العقلاني، ويدعو إلى تعدد أساليب المنهج تبعا لتعدد الموضوعات وطبائع الوجود. وهذه المنظومة الفكرية البسكالية تؤسس لوحدة منهجية تجريبية عميقة لها مدلولين: مدلول التجربة المادية الطبيعية فيما يخص علم الوجود الطبيعي وهو مجال العقل، ومدلول التجربة الوجدانية الباطنة فيما يخص مقاربة الميتافيزيقا والأخلاق ومحلها القلب. وما يتحدث به القلب – برأي الفيلسوف محمد إقبال – لا يكذب أبدا إذا فسر على وجهه الصحيح. على أنه ينبغي ألا نعد القلب قوة خاصة خفية، فما هو أسلوب من أساليب تحصيل الحقيقة ليس للحس أي دخل فيه، (ليس المقصود هنا القلب الفسيولوجي الصنوبري).

[يتبع]

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق