مقامات روحانية: الحسيمة وأجواء تراويحِ ما بعد الجائحة

26 مارس 2023
مقامات روحانية: الحسيمة وأجواء تراويحِ ما بعد الجائحة
مرتضى إعمراشا

الحسيمة: مقامات روحانية تطبع أجواء التراويح

مع بداية شهر رمضان المعظم تهفو قلوب المسلمين نحو رحاب المساجد وتمتلئ الساحات خارجها بالمصلين في صلاة التراويح، وعلى غرار كثير من الدول الإسلامية يأتي شهر رمضان هذا العام استثنائيا بعد سنوات الحظر وإجراءات الطوارئ الصحية، إذ سمحت السلطات للمساجد بشغل كامل طاقتها الاستعابية، وتهيأت وزارة الأوقاف والمجالس العلمية الوصية لصلاة القيام التي يحرص المسلمون عليها منذ القرون الأولى، ولأجل استطلاع أجواء هذه الشعيرة نزلنا في أرابيكا نيوز إلى شوارع الحسيمة لاستقاء آراء الناس وانطباعاتهم حول تراويح هذا العام، وتباينت تصريحات المصلين واختلفت آراؤهم حسب المناطق والمساجد وقرائها، واكتفينا بهذه التصريحات التي تعكس الجو العام في تراويح هذه السنة.
– ليست مجرد طقوس إنها مقامات روحانية !
” ما أجمل هذه الأجواء التي افتقدناها في السنوات الأخيرة، خاصة أن رمضان تصادف مع دخول فصل الربيع، إذ يساعد المناخ على القيام والصلاة، لولا أن مكبر الصوت رديء لكان كل شيء ممتازا” هكذا صرح س ب وهو يغادر المسجد العتيق بالحسيمة أقدم مساجد المدينة بعد أدائه أربع ركعات..” لم أصل صلاة التراويح منذ عشر سنوات تقريبا، فقد كنت أعيش في ألمانيا منذ مدة وعدت هذا العام لأقضي رمضان مع والدتي التي اصطحبتها معي للصلاة، أمي تحب هذا المسجد لأن فيه طلبة يتقنون الصلاة تلاوة وحفظا” وأضاف محمد ج، أثناء لقائنا به عند باب مسجد النور بالحسيمة ” صراحة افتقدت هذه الأجواء بالخارج وسأحرص على زيارة الريف كل رمضان، ..أحب هذا المسجد بالخصوص لأني حفظت فيه بعض السور في صغري مع سي البشير، لقد سألت عنه هنا فاخبرني أحدهم أنه غادر إلى بلجيكا هو كذلك “، ويعد مسجد النور بالحسيمة الذي بني منتصف تسعينيات القرن الماضي حالة فريدة لتواجد مدرسة قرآنية به، وتعرف إقبالا عليها من طلبة القرآن من مختلف مناطق المغرب.
هجرة أئمة المساجد وقراء القرآن ليست فقط إلى أوربا فقد التحق كثير منهم بوظائف بمساجد الإمارات العربية ودول خليجية أخرى، خاصة أن الرواتب والمنح هناك محفزة، عكس واقع هذا القطاع بالمغرب الذي لم يرقى بعد إلى مستوى تطلعات المشتغلين بالحقل الديني.

– البحث عن الخامة الصوتية والتلاوة الخاشعة.

حدثني صديق أنه في مسجد تجزئة بادس الجديدة يوجد مقرئ جيد، سأحاول الصلاة هناك لأني بحاجة لشحنة إيمانية وما يبعث فيّ الخشوع” أضاف هشام ز ، بمسجد أغزار بولاي بحي ميرادور بالحسيمة، حيث لاحظنا إقبال بعض الأطفال على الصلاة رفقة آبائهم،.
انتقلنا الى أكبر مساجد المدينة مسجد محمد السادس في اليوم الموالي حيث صرح بعض المصلين: ” ليست مجرد طقوس، أنا أعمل طوال اليوم في التجارة بالسوق وأحرص على صلاة التراويح هنا لأن هذه فسحتنا طوال العام” فيما عبّر كريم ل، عن سر اختياره لهذا المسجد بالذات بأن الأمر لا يعدو كونه أقرب المساجد لبيته كما أن الأجواء فيه مساعدة من جميع الجوانب، كذلك بالنسبة للنساء فأنا أصطحب زوجتي وابني معي رغم أنه يلهو أحيانا عند الباب” أضاف كريم ل..، وخلافا لبعض المدن تجد في الحسيمة حرصا كبيرا على الصمت بالمسجد وأمانا من سرقة الأحذية إلا أننا وجدنا بعض المصلين يشتكون من حديث النساء الذي يسمع في أرجائه.
– حضور مشرقي وغياب الطريقة المغربية في القراءة!
غير بعيد عن مدينة الحسيمة تجد في مدينة إمزورن تنوعا في الأصوات رغم التزام الجميع برواية ورش ووقف الهبطي الذي دأب عليه المغاربة، لكن بالكاد عثرنا سواء بالحسيمة أو في إمزورن وبني بوعياش على من يتقن القراءة المغربية التي كانت تشنف آذاننا أيام المسيرة القرآنية بصوت الراحل عبد الحميد أحساين، وعبد الرحمن بن موسى وغيرهم، إنما غلب الطابع المشرقي على القراء ولم نجد من يتحدث عن أسباب تفضيل المقرئين لهذا النوع من الأداء،

” لقد جاؤوا هذا العام بقارئ جديد، أنا أصلي أربع ركعات وأغادر، لا أعرف الطريقة المغربية التي تتحدث عنها ” صرح جواد ط، وأضاف: ” نسأل الله أن يتقبل منا فمنذ مدة فقدنا الإحساس وما إن تدخل في الصلاة حتى تبدأ التفكير في الديون ومصاريفنا اليومية ” وغادر مسرعا عند الساحة الأمامية لمسجد الإمام مالك؛ ” كل الأمور طيبة إلا أني لا أطيق اطالة الدرس بعد الأذان، قديما كان الدرس بعد صلاة التراويح ثم تم نقله بين صلاة العشاء والتراويح والآن بعد الأذان مباشرة” وأضاف حكيم ت، ” علي الذهاب لإعداد العشاء فقد كنت نائما طوال اليوم” .
ينتظر المصلون صلاة التراويح طوال العام لتجديد صلتهم بالقرآن كما ينتظرها طلبة القرآن الكريم للحصول على منحة التراويح، إذ تحرص مندوبيات وزارة الأوقاف والمجالس العلمية على انتقاء القراء عادة قبل مدة من الشهر الفضيل لتبتعد عن الفوضى التي كانت تطبع هذا القطاع، لكن مع ذلك هناك انتقادات واسعة طالت تراجع مستوى الأئمة حفظا وتلاوة، كما تغيّب الترتيبات اللازمة لقاعات الصلاة من حيث الزرابي ومكبرات الصوت، وهو ما يأمل الجميع تداركه في العام القادم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق