حوار جمال حميد / تقديم محمد الزياني – نص الحوار:
لو سمحت، الدكتور قاضي وأنت حاليا بالديار الهولندية، ما هي المهمة التي أنت موجود من أجلها بهذا البلد؟
أنا في هولندا، بدعوة من وزارة التعليم الهولندية، بتنسيق مع مركز الأجانب ACD، وجامعة امستردام مع الأستاذ بتير ماوسكن.. فوجودي هنا ذو ثلاثة أهداف:
- هدف علمي أكاديمي، بما يعنيه ذلك من إلقاء محاضرات علمية حول اللسانيات بالجامعة وعلاقتها بالهجرة، خصوصا المهاجرين المغاربة بهولندا.
- عمل تنسيقي ومناقشة مع المعاهد المهتمة، لإيجاد الوسائل البيداغوجية الكفيلة بتدريس الأمازيغية لأبناء المهاجرين بهولندا .
- التنسيق والعمل مع الأساتذة الجامعيين خارج الجامعة فيما يخص علاقة الهجرة بالمجتمع الهولندي والتفكير فيما يسمى بقضية الاندماج .
ما هي المدة الزمنية التي يمكن أن يستغرقها هذا المشروع؟
في البداية ، تقرر إنجاز هذا المشروع ضمن غلاف زمني مدته 3 أشهر ، إلا أنه ـ لأسباب موضوعية وأخرى عائلية ومهنية مرتبطة بمهامي الجامعية ـ فقد تم تقليص هذه المدة إلى شهرين (2) (أبريل وماي ) لألتحق بعدها بجامعة فاس نهاية شهر ماي لاستكمال اشتغالي مع طلبتي خلال شهر يونيو كله ..
ما طبيعة المادة التي أنت متخصص في تدريسها بالجامعة المغربية؟
أدرس اللسانيات: النظرية والمقارنة بشعبة اللغة الفرنسية، وتخصصي هو التركيب syntaxe .
هل بالإمكان تقديم صورة موجزة حول الأمازيغ كشعب بلغته وثقافته، هذا الموضوع الذي أصبح اليوم يكتسي أهمية بالغة في حديث الناس؟
سأحاول الإجابة باختصار عن هذا السؤال الأساسي، ذلك أن تعميق النقاش والتدقيق في ثناياه سيتطلب منا الوقت الكثير .
فالكل يعلم ـ حسب ما تلقيناه في مدارسنا ، ولو بشكل غير دقيق ـ بان سكان المغرب الأولون هم الأمازيغ، فهم أول شعب بلغته وثقافته الأمازيغيتين، الذي أثبت الباحثون في التاريخ والأركيولوجيا وجوده بشمال بإفريقيا وجنوب الصحراء، أي دول: مالي والنيجر وبوركينا فاصو ..( الطوارق) … دون أن ننسى جزر الخالدات les iles Canaries “ثكزرين ثكنريين” التي ظلت فيها الأمازيغية، حسب سكانها الإسبان أنفسهم، مستمرة كلغة وكثقافة إلى القرن السابع عشر 17، علما أن استعمار إسبانيا لهذه الجزر كان في القرن الخامس عشر. وفي ظرف 200 سنة فقط، تمكن من القضاء على هذه الثقافة واللغة الأمازيغيتين، بل التجأ، في بعض الأحيان، إلى الإبادة الجسدية لأهلها..
عموما، فتاريخ وجود إمازيغن في هذه المناطق المذكورة، يعود إلى 10 آلاف سنة على الأقل، تخللتها أحداث كبرى وموجات استعمارية متعاقبة، سواء من لدن الفينيقيين أو الرومان والوندال، ثم الغزو العربي الإسلامي، نهاية القرن السابع وبداية القرن الثامن، ورغم كل ذلك، فلا يزال هذا الشعب مستمرا في الوجود بثقافته ولغته الحية التي يُتحدث بها وتُمارس بها الشعائر ومتطلبات الحياة، بفضل ميزة تعايش هذه اللغة الأمازيغية مع باقي اللغات: الفينيقية واللاتينية ثم العربية، وكذا مع الاستعمار الفرنسي والاسباني ـ مما جعلها تحافظ على وجودها في 9 أو 10 دول، على الأقل، بشمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء.. الأمر الذي يعتبر بحق، من المفارقات الكبرى في تاريخ هذا الشعب الأمازيغي وصموده، في الوقت الذي اندثرت فيه لغة الفراعنة ومعها لغات أخرى كانت ذات نفوذ قوي بحكم مركزها الاقتصادي والسياسي.
(يتبع)