قاضي قدور والمسألة الأمازيغية – 3

4 أغسطس 2024
قاضي قدور
قاضي قدور

ويتواصل حوار جمال حميد مع المرحوم قاضي قدور حول هموم المسألة الأمازيغية.

هل سبق لهؤلاء الأمازيغ أن  أسسوا  دولا في التاريخ؟

نعم لقد أسسوا دولا وإمبراطوريات عظمى، وعلى سبيل المثال يمكن ذكر ثلاثة منها:

1 ـ     الدولة البرغواطية في القرون الوسطى  (القرن العاشر)

2ـ      الدولة الموحدية

3 ـ     الدولة المرابطية

قاضي قدور (مصدر: محمد الزياني)
قاضي قدور (مصدر: محمد الزياني)

وهذه الدول تعتبر أساسية في التاريخ، خاصة بعد الغزو العربي الإسلامي، أما إذا عدنا إلى ما قبل  وجود هذه الدول، فسنجد إمبراطيورية الماسين التي كانت في شرق شمال إفريقيا: أي من الجزء الشرقي للجزائر إلى  مصر، والتي لا تزال الأمازيغية حاضرة فيها بصحراء سيوا وشرق ليبيا، وإلى جانب جمهورية الماسين هذه، كانت هناك إمبراطورية ماسيسيليا وموريطانيا الغربية وإمبراطورية نوميديا أو الدولة النوميدية التي كانت تمتد من وسط غرب الجزائر إلى جزر الكناري. فمثلا ماسينيسا وميسيبسا هما من بين الزعماء والحكام الذين حكموا هذه الإمبراطوريات وكانوا على رأسها، خاصة ماسينيسا الذي اعطى نسبيا أهمية للثقافة واللغة الأمازيغيتين، بحيث كانت هذه الأخيرة شبه رسمية في عهده، والتي كتبت بحروف الليبية أو جانبها الصحراوي المعروف لدى عامة الناس بحروف ثيفيناغ thifinagh، ولو أن ممارسة الكتابة هذه، لم تكن قد دخلت، بكل معاني الكلمة، إلى أجهزة الدولة، أي لم تكن لغة رسمية لتلك الإمراطوريات والدول التي سبق ذكرها،  لذلك اقتصراستعمالها في بعض المجالات دون غيرها.

قاضي قدور - جمال جميد
قاضي قدور – جمال حميد

أنتقل الآن إلى دولة الموحدين، حيث كان ابن تومرت يؤلف بالأمازيغية، ومثال ذلك كتابه الشهير والمعروف بالتوحيد المكون من 7 أجزاء مكتوبة بالأمازيغية، أي بخط عربي ومضمون أمازيغي. وكان يُتلى ويُقرأ من قبل من كان يساعد ابن تومرت في تسيير الحكم. ومن المعروف أيضا أنه كان ينظم خطاباته بالعربية والأمازيغية وكان القضاء يسير بالأمازيغية إلى جانب وجود كتب أمازيغية مهمة أخرى، سواء في القانون أو في الشريعة وغيرها من المجالات الثقافية التي كتبت نصوصها الأمازيغية بالخط العربي.

هل  ثمة وجود لمثل هذه الكتب في الخزانة المغربية وغيرها؟

هناك البعض، لكن الجزء الغالب منها ضُيع وأُتلف وأُحرق، والنزر القليل من هذه الكتب عبارة عن مخطوطات، ومؤخرا صادفت باحثا عندكم هنا بجامعة ليدن (هلندا)، الذي أخبرني بعثوره على إحدى المخطوطات التي يشتغل عليها الآن، يعود تاريخها إلى عهد ابن تومرت مكتوبة بخط عربي ومضمون نصها أمازيغي  ..

بالنسبة لتيفناغ في عهد الموحدين والمرابطين، هل استعملت لكتابة الأمازيغية؟

لا، فهنا يتجلى الفرق الكبير بين شمال إفريقيا وبين دول جنوب الصحراء أو دول الساحل (النيجر، مالي، بوركينا فاصو.. وفولطا العليا)  أي عند الطوارق، بحيث ظلت ممارسة الكتابة بتيفيناغ مستمرة لمدة 2500 سنة على الأقل. فالآثار والمسائل المكتوبة واللوحات التي يعثر عليها  الباحثون تحمل هذا التاريخ المذكور، لكن بشمال إفريقيا ـ بالرغم من أن الباحثين في الأركيولوجيا ما زالوا يعثرون على نفس اللوحات المكتوبة بتيفيناغ أو بالكتابة الليبية الأصلية للأمازيغية ـ إلا أنها على مستوى الاستعمال والتداول، اندثرت في نهاية عصر أو مرحلة الاستعمار الروماني، عكس ما يذكره البعض ويكتبونه من أن ذلك حدث بمجيء العرب والإسلام!  .. ومن المؤكد أيضا أن الاستعمار الفينيقي كان أكثر انسجاما وتشجيعا للغة الأصلية للأمازيغ بشمال إفريقيا.

خلاصة القول، إن هذا الخط الأصلي الليبي، وجانبه الصحراوي المعروف بتيفيناغ لم ينقرض ولم يندثر، بدول جنوب الصحراء المذكورة، بحيث ظل الطوارق عبر التاريخ يكتبون به دائما إلى يومنا هذا…

(يتبع)

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق