لقد انتهيت للتو من قراءة كتاب آلان دونو، ” نظام التفاهة”. أعترف أن الكتاب ترك لي طعمًا مريرًا وحلوًا في آن واحد: مريرًا لأنه يكشف بدقة كيف تفضل الهياكل السلطوية الحالية صعود الأشخاص الأكثر اهتمامًا بالحفاظ على مراكزهم على الابتكار؛ وحلوًا لأنه يقدم لغة ومنظورًا يُمكّن القارئ من التعرف على هذه الديناميكيات داخل بيئته.
يصف دونو بحدة كيف تعزز الهياكل الاجتماعية والاقتصادية الحالية أفرادًا يصعدون في المراتب ليس بسبب كفاءاتهم أو قدراتهم، بل بفضل قدرتهم على تسلق المراتب داخل نظام يفضل الرضوخ على التميز. “هل أنا أيضًا من هذا النوع من التافهين الذين يصعدون بدون أي استحقاق؟”، هذا سؤال يطرحه هذا الكتاب بشكل مباشر ويجبرنا على التفكير في مسيرتنا المهنية والقرارات التي اتخذناها.
في المغرب، حيث تحدد الديناميكيات الاجتماعية والعلاقات الشخصية في كثير من الأحيان فرص الوصول، يبرز هذا الكتاب بشكل خاص. يواجهنا بالسؤال عما إذا كنا نساهم في استمرار نظام يكافئ التفاهة أكثر من التميز. “هل نحن، كمجتمع، نختار قادة ونماذج يعكسون أعلى قيمنا، أم فقط أولئك الذين يتكيفون بشكل أفضل مع الوضع الراهن؟”
“نظام التفاهة ” ليس نقدًا فقط، بل هو أيضًا دعوة للعمل. يحثنا على تنمية حس نقدي ودعم الأنظمة التي تُقدر حقًا الإبداع والابتكار والاستحقاق الحقيقي. كمغاربة، نواجه تحدي تحويل مؤسساتنا وثقافتنا لتعكس هذه المثل العليا.
هذا الكتاب ضروري لأولئك الذين يجرؤون على النظر إلى ما وراء السطح ومستعدون لتحدي ليس فقط الهياكل السلطوية، بل ومكانتهم الخاصة داخل هذه الهياكل. يدعونا لأن نكون جزءًا من الحل وليس من دورة التفاهة المستمرة. “وماذا لو بدأ هذا التغيير بأنفسنا؟ إلى أي مدى نحن مستعدون لتحدي التفاهة في حياتنا الخاصة وبيئتنا؟ من يدري، ربما، كما قال بيير أوغستان دو بومارشيه: “التافه والقادر على التحايل يصل إلى كل مكان”.
جديًا: “كيف يمكننا، كمجتمع وكأفراد، تعزيز ميريتوقراطية حقيقية تتحدى هذه الديناميكيات التفاهة؟” أدعو القراء للإجابة عن هذا السؤال بأنفسهم.
